أثار مخاوفاً كبيرة فوز التيار اليميني المتطرف في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة بزعامة “بنيامين نتنياهو”، ولكن المفاجأة أن تلك المخاوف لم تعتري الفريق المناهض لوجود الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، والمتبني خيار مقاومته كأرباب العمليات الاستشهادية من عرين الأسود، أو حركات المقاومة في غزة ومن يدعمها من محور المقاومة.
إنما أطلقت عنان المخاوف والتوجسات من وجود حزب متطرف على رأس الإدارة الإسرائيلية، الدول الغربية، والتي تعتبر داعم رئيسي للكيان الإسرائيلي المؤقت وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
خطوط حمراء أمريكية لمدللتها إسرائيل، لماذا؟
ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية (كان) أن العديد من حكومات العالم أبلغت تل أبيب أنها تُبدي قلقاً من التوجهات السياسية التي يمكن أن تتبناها الحكومة التي يعتزم تشكيلها رئيس الوزراء المكلّف بنيامين نتنياهو والمعروف بتطرفه، وفي مقدمة تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية.
واللافت ما كشفته تلك القناة مما أسماه بايدن “خطين أحمرين”، حيث أشارت أن الإدارة الأميركية أوضحت “لنتنياهو” أن هناك خطين أحمرين يجب على حكومته عدم تجاوزهما:
الأول: ضمّ مناطق من الضفة الغربية لإسرائيل.
والثاني: تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.
جاء ذلك بعد أن ألمحَ زعيم حزب “القوة اليهودية” المتطرف إيتمار بن غفير، والذي سيتولى منصب وزير “الأمن الوطني” في الحكومة القادمة،إلى عزمه السماح للمستوطنين بالصلاة في المسجد الأقصى، زاعماً أن عدم السماح لهم حتى الآن يُعَدّ ضرباً من التعاطي “العنصري” ضدهم.
فيما أشارت مستنكرةً صحيفة “يديعوت أحرنوت”، أمس الجمعة، إلى أن إعطاء “بن غفير” صلاحيات تحديد سياسات الشرطة بصفته وزيراً للأمن الوطني، سيمكنه من احتكار اتخاذ القرارات بشأن السماح باقتحام المستوطنين المسجد الأقصى.
أي أن مثل هكذا قرار يعتبر خطيراً وغير مدروس، لأن الوضع الأمني داخل الأراضي المحتلة يشي بالتدهور بسبب الضغط على الشارع الفلسطيني وكثرة الاستفزازات التي تقوم بها قوات الاحتلال ، إضافة إلى تحقيق حركات المقاومة الفلسطينية معادلة ردع زادت من ثقة الشارع الفلسطيني بخيار المقاومة منذ معركة سيف القدس.
أمريكا وإسرائيل علاقة جدلية تنجب سياسة مخنثة!
حذرت إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” من أن انشغال الحكومة الإسرائيلية القادمة بتبني سياسات متطرفة تجاه القضية الفلسطينية سيقلص من قدرة الولايات المتحدة على التعاون معها في مجال مواجهة البرنامج النووي الإيراني.
ويعتبر ذلك تهديداً واضحاً بتخلي الأمريكي عن ربيبته إسرائيل، والتوجه نحو التفاهم الذي يفضي إلى تنازلات أمريكية مع أخطر عدو للكيان الإسرائيلي وهي إيران.
كما طالبت الإدارة الأميركية بتحديد الحكومة الإسرائيلية المقبلة جدول أولوياتها وحصر سقف اهتماماتها بترميم الوضع في الداخل حيث أضافت قناة (كان) أن الأميركيين أوضحوا لنتنياهو أنه “يجب على الحكومة القادمة تحديد ما أسموه (جدول الأولويات)، معبرةً عن مخاوفها من استفزاز الحكومة المتطرفة قوى المقاومة بالقول “لا يمكن الاهتمام بالتحديات الناجمة عن العلاقة مع الفلسطينيين، فيما تبدون حرصاً على الانشغال بإيران”.
خشية أمريكية من ثوران بركان إيران!
أوصلت بعض الجهات الأميركية رسائل تحمل مخاوفاً من ممارسات التيار المتطرف في الحكومة الإسرائيلية تثير ردات فعل عنيفة من قبل إيران لا تحمد عقباها بالنسبة للدول الغربية وأمريكا، وذلك من خلال محادثات مع مقربين من نتنياهو، نوّهوا فيها أنه “إذا تركز الحوار في الحكومة الإسرائيلية على قضايا تتعلق بالاستيطان والفلسطينيين، فقد يأتي ذلك على حساب المساعي لمكافحة إيران”.
أي أن المزيد من الضغط على الفلسطينيين بممارسات الاستيطان وغيرها من أعمال العنف، يؤدي إلى توترات شديدة في علاقة إيران بالدول الغربية الداعمة لإسرائيل وعلى رأسها أمريكا.
الخلاصة
يبدو أن العالم الغربي لا يرغب بدفع تكاليف أي حرب جديدة بعد تورطه في الحرب الروسية الأوكرانية، وأصبح لأمريكا أولويات أخرى خارج حدود القفص الإسرائيلي، فلا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تبقى تغوص في مستنقع الشرط الأوسط بينما تتصاعد قوتين عالميتين هما روسيا والصين لتخطفا منها احتكار السيادة على العالم.
وقد أثبتت الحرب الروسية – الأوكرانية أن إيران هي القوة الثالثة التي على أمريكا اتقاء غضبها بعد أن أحدث السلاح الإيراني المتطور ثقلاً في المعادلة لصالح روسيا ضد الناتو.