إن استمرار النزاعات العسكرية في أوكرانيا وانعكاسها سلباً على الدول الأوربية في حسبان أمريكا حين دفعت باتجاه اندلاع هذه الحرب بكل كانت جل توقعاتها أن لا تخرج ويلات الحرب وتداعياتها عن إطار الحدود الروسية والأوكرانية لكن الطباخ الأمريكي تذوق السم.
حيث أدت هذه الحرب إلى انخفاض صادرات النفط الروسية إلى أوروبا وأمريكا بسبب الرد الروسي على العقوبات الأمريكية التي فرضتها لتغيير موازين القوى لصالح حليفتها الأوكرانية.
وبعد منع المقاومة اللبنانية إسرائيل من استخراج النفط من حقل كاريش لتصديره إلى أوربا وفك زنقتها والحفاظ على تفوقها أدى ذلك إلى إغراق أمريكا وأوربا في أزمة الوقود.
الأمر الذي دفع جو بايدن الرئيس الأمريكي لزيارة الشرق الأوسط وخاصة السعودية التي تعهد بجفائها ومعاقبتها وجعلها منبوذة في الانتخابات الرئاسية، لكنه تراجع عن مبادئه على الفور مضطراً لمصافحة الملك المنبوذ مجدداً وكسر هيبة أمريكا وماء وجهها ماجعل خصمه السابق دونالد ترامب ينتقده بشده في تصريحاته ناهيك عن انتقادات عديدة وعبارات ساخرة تعرض لها من الشعب الأمريكي.
أهداف زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط
كالعادة حاول بايدن أن ينمق أهدافه المعلنة من هذه الزيارة ولكن دون أن يخفي حقيقة ما يبطنه من طبطبة على كتف المذعورة إسرائيل فاعتبرها زيارة لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية كما وحمل رسالة سلام وأمل من إسرائيل إلى السعودية
لكن في الواقع الأهداف الحقيقية هي:
- ضمان أمن إسرائيل و استقرارها وتعزيز علاقاتها بدول الجوار.
- تسريع عملية التطبيع وتعزيزها خصوصاً مع السعودية لمواجهة محور المقاومة.
- زيادة إنتاج النفط وذلك بعد تضييق روسيا في إمدادات الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي.
- إيجاد تحالف ناتو الشرق الأوسط وهو تحالف أمني وعسكري واقتصادي، يضم الدول العربية المطبعة بقيادة إسرائيل لمواجهة القوى العالمية المتصاعدة كروسيا والصين وإيران.
- السماح للطائرات الإسرائيلية في العبور فوق أجواء السعودية.
زيارة استسلام لا زيارة سلام
نجد أن بايدن الضعيف استسلم أمام الضغوطات الاقتصادية وفي ظل هذه الظروف التي فرضتها الحرب الروسية-الأوكرانية، ولايمكنه الاستمرار في الخلاف مع السعودية.
لذلك ذهب مهرولاً إليها للتستر على ضعف أدائه أمام شعبه وشحد النفط منها، على الرغم من ادعائه أن زيارته ليست من أجل الحصول على النفط ولكن لبحث قضايا عدة ومنها حضور قمّة في جدّة تضم كل من الملك عبدالعزيز وولي العهد بن سلمان و مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر.
وقد أقلعت طائرة الرئيس الأمريكي بايدن من مطار الكيان المؤقت إلى مطار جدة من أجل أهم هدف وهو تشكيل حلف ناتو شرق أوسطي مع الدول العربية المطبعة بقيادة إسرائيل لضمان أمنها في ظل تراجع الدور الأمريكي دولياً وبعد فشل الكيان المتلاحق على كافة الأصعدة وتهديدات محور المقاومة له.
حيث كان الهدف الأهم لأمريكا هو تطبيع السعودية مع إسرائيل الذي ظهر إلى العلن وخاصة أن ولي عهدها منفتح لمساعي التطبيع مع الكيان الصهيوني.
الخلاصة
نستنتج أن الرئيس الأمريكي بايدن والكيان الصهيوني لجأوا إلى الدول العربية المطبعة وعلى رأسها السعودية بعد أن شعروا بالعجز والفشل وذلك لمحاولة فرض السيطرة على الدول العربية.
بالإضافة لمواجهة روسيا والصين وإيران بسبب دعمها لمحور المقاومة في مواجهة الهيمنة الأمريكية وتبنيها القضية الفلسطينة وأيضاً سعى بايدن من خلال هذه الزيارة إلى تحقيق مكاسب داخلية للانتخابات القادمة في أمريكا حيث تعاني من الانهيار الاقتصادي والأمني والاجتماعي.
لكن كل هذه الأهداف والمخططات التي حملتها الزيارة باءت في الفشل وفي ظل هذا الضعف للولايات المتحدة الأمريكية ستصبح دول محور المقاومة هي القوى العالمية والتي ستبقى تهدد أمن الكيان المؤقت والدول المطبعة معه.