بقلم: رشا الحمدان
بعد فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن عملية عسكرية شمال سوريا لكي. يحقق بها آماله التوسعية، بعد أن رأى أنه مضطر ليس فقط لمواجهة الجيش السوري وحده، بل أيضاً سيواجه إيران وروسيا.
لذلك لم ير أردوغان أمامه سوى أن يطلب من كلٍ من إيران وروسيا أن يلعبا دور واسطة الخير للحديث مع الدولة السورية بشكل مباشر لعله يستطيع أن يحقق بالدبلوماسية الملتوية ما عجز عن تحقيقه بالترسانة العسكرية.
وبعد عدة محاولات من الطرفين الروسي والإيراني لتقريب وجهات النظر بين البلدين تم الإعلان عن عقد اجتماع على مستوى نواب وزراء خارجية الدول الأربعة (سورية تركيا إيران روسيا) والهدف منه التمهيد لاجتماع وزراء الخارجية المقرر عقده الشهر المقبل فأردوغان لديه عدة دوافع من هذا التقارب.
الاتجاه نحو سياسة تصفير المشكلات
أولاً وفي ظاهر الأمر يعتبر أردوغان تقاربه مع سوريا ورقة رابحة بيده من أجل تجاوز مرحلة انتخاباته المقررة بحلول الصيف المقبل حيث يحاول أردوغان كسب الشارع التركي فيقطع بذلك الطريق على المعارضة التركية التي استخدمت ورقة السوريين للضغط على الحكومة مما اضطر حزب العدالة والتنمية للاتجاه نحو سياسة تصفير المشكلات ومحاولة العودة إلى الأصدقاء كان آخرها التحرك نحو دمشق ليتفرغ بعد ذلك لقضايا أخرى
الملف الكردي على طاولة التقارب
تضع أنقرة الملف الكردي في سلّم أولوياتها حيث ترى أنّ التخلص من “الخطر الكردي” على حدود البلاد يحمي وجودها من جهة وبالمقابل يعطيها تأييداً شعبياً إضافياً فهي تدرك أن إغلاق هذا الملف مستحيلاً بدون دمشق فتجد أنقرة أن اتتشار الجيش السوري على حدوده مع سوريا خيار أهون الأمرّين وبذلك تضع الأكراد بذلك بين فكي كماشة فتحكم الخناق على ميليشيات قسد المدعومة من قبل أمريكا.
حجز كرسي في النظام العالمي الجديد
في ظل التوترات التي تشهدها العلاقات الأمريكية التركية بسبب الدعم الأمريكي للأكراد في سورية رأت أنقرة بتقاربها مع دمشق أفضل حل لتحقيق عدة مكاسب من خلال تعزيز علاقتها مع روسيا خاصةً بعد أن طرح الرئيس الروسي قبل أشهر مبادرة تحويل تركيا إلى مركز للغاز الطبيعي ونقل الغاز الروسي إلى أوروبا حيث يرى أردوغان بأن فتح الحدود بين سوريا وتركيا يتيح له إمكانية إعادة العمل بخط “الغاز العربي” الذي أنشئ بهدف نقل الغاز المصري والعراقي إلى أوروبا عبر الأردن وسوريا وتركيا ومن هناك إلى أوروبا.
فبهذا تكون تركيا حافظت على متانة العلاقات مع روسيا المتواجدة عسكرياً في سوريا والتصالح مع دمشق التي انتصرت على الحرب الدولية التي شنت ضدّها وضمن أردوغان له مكانة بين الدول الصاعدة بعد فقدان أمريكا سيطرتها على السلطة العالمية كجزء من تداعيات الحرب الروسية الأمريكية في أوكرانيا..
لكن لسوريا شرطين أساسيين لقبول عودة العلاقات مع أنقرة وقد أبدى الرئيس بشار الأسد تمسكه الشديد بهما وربما يكونان السبب وراء تعرقل اللقاءات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين إلى يومنا هذا رغم وساطة أقوى حليفان لسوريا وهم إيران وروسيا.
والشرطان هما “الانسحاب التركي من كامل الأراضي السورية، ووقف تركيا دعمها للجماعات المسلحة في الشمال السوري”. ورغم الحديث المتواصل من قبل المسؤولين الأتراك بطموح أردوغان باجتماع يجمعه بصديقه القديم الرئيس بشار الأسد، إلا أن الرئيس الأسد في كل لقاءاته حين يتحدث عن هذا الموضوع يبدي عدم ثقته بأردوغان ولا يمكنه أن يفكر في أي قبول تسوية تركية بدون تحقيق الشرطين فضلاً عن قبول عودة أردوغان معتذراً
فهل سيقبل أردوغان أن يدفع ثمن عودته معتذراً ويقبل بشروط سوريا مقابل أن يحقق أحلامه؟