سعد الله الجابري (1892 – 1947)
هو السيد سعد الله بن عبد القادر لطفي الجابري، ولد في حلب لعائلة عريقة مشهورة بالوطنية والدين والثراء. والده السيد الحاج عبد القادر لطفي الجابري الحسيني مفتي ولاية حلب بن العلامة السيد مراد بن السيد الحاج عبد القادر مفتي حلب ونقيب أشرافها بن السيد الحاج مصطفى مفتي حلب ونقيب أشرافها بن الشيخ أحمد الشهير بالجابري بن السيد موسى بن السيد أبو بكر بن السيد محمد أسعد الحلبي الحسيني.
أنجب والده ثمانية أبناء أشهرهم وأصغرهم سعد الله بك الذي بدت عليه مظاهر النباهة والإقدام منذ صغره، فنشأ وترعرع في حلب في بيت من أشهر بيوت الدين والسياسة، وتلقى علومه الابتدائية والتجهيزية فيها وصحا على اجتماعات واتصالات تقوم بها عائلته مع رجالات البلد، حيث كان القوم يجتمعون في منزل الشيخ العلامة عبد الحميد الجابري للتداول في أمور البلاد وما آلت إليه.
أنهى سعد الله دراسته الثانوية في حلب، فاستقدمه أخوه إلى استانبول لمتابعة دراسته في الكلية الملكية السلطانية، فاتصل هناك بالشباب العربي في الأستانة وأسسوا جمعية العربية الفتاة وأقسموا اليمين للعمل على نيل حقوق العرب.
أُرسل سعد الله إلى ألمانيا حيث درس سنتين وعاد إلى استانبول بمناسبة إعلان الحرب العالمية الأولى.
عندما انتهت الحرب عاد سعد الله إلى حلب، ودخل في حركة حقوق الإنسان، ولما قامت الثورات عام 1919 إثر نية الحلفاء تقسيم البلاد العربية ودخول الفرنسيين سوريا؛ كان سعد الله الجابري على اتصال بزعيم الثورة في الشمال إبراهيم هنانو يؤيد ثورته ويدعمه، كما شارك في المؤتمر السوري العام الذي انعقد ودعا إلى وحدة سورية الطبيعية.
ونظراً لجرأة الجابري في مواجهة الفرنسيين، فقد اعتقل في سجن أرواد مدة من الزمن مع هاشم الأتاسي وجماعة من الوطنيين.
بعد ما وصلت إليه سوريا من الاضطراب،بسبب الحركات الوطنية والثورات ، استدعى الفرنسيون الوطنيين فكان الجابري عضواً في هذا الوفد، الذي يمثل وطنيي البلاد في فرنسا للمفاوضة فصدر عفو عام عن السوريين وأُفرج عن الوطنيين.
ترأس الكتلة الوطنية التي قادت عملية تحرير سورية من براثن الاستعمار الفرنسي ويعتبر أحد أهم زعماء النضال الذين قاموا باعادة توحيد سورية بعد أن قسمها الفرنسيون إلى دويلات وتوجت ثمرة نضالهم بجلاء الفرنسيين عن التراب السوري عام 1946.
شغل الجابري بعدها وزارتي الداخلية ثم الخارجية في وزارة جميل مردم بك، في أول حكومة وطنية كان فيها هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية.
اختاره الرئيس شكري القوتلي ليكون أول رئيس حكومة ما بعد الاستقلال في 19 آب 1943, حيث ساهم بصفته هذه في صياغة وإقرار بروتوكول الإسكندرية عام 1944, الذي بني عليه ميثاق جامعة الدول العربية. بعدئذ (آذار 1945) تولى الجابري رئاسة مجلس النواب, كما تولى رئاسة الحكومة مرة ثانية في 30 أيلول 1945, وقدم استقالته منها في 24 نيسان 1946، ولكن الرئيس القوتلي عاد إلى تكليفه برئاسة الحكومة بموجب المرسوم رقم 466 تاريخ 25 نيسان 1946, واستمرت حكومته الجديدة من 27 نيسان 1946 وحتى 27 كانون الأول من العام نفسه حين تقدم باستقالته منها. وتوفي عام 1947, ودفن في مدينة حلب إلى جانب المجاهد الكبير إبراهيم هنانو.
خلدت ذكراه في حلب حيث تم تسمية أكبر وأهم ساحة بحلب باسمه، حتى تظل ذكراه في قلوب وعقول الحلبيين بشكل خاص والسوريين بشكل عام.