نص مقابلة الدكتور بلال اللقيس
أجرى الدكتور “بلال اللّقيس” عضو المكتب التنفيذي في حزب الله مقابلة خاصة لموقع “Aleppo News” تحدث فيها عن آخر التطورات السياسية على الساحة السورية وفي المنطقة والعالم.
نرفق إليكم في هذا الفيديو الخاص أهم ما جاء في مقابلة الدكتور “بلال اللّقيس” حول المشهد السياسي والاقتصادي والعسكري في سوريا فيما نوضح لكم من خلال هذا النص كل ما تطرق له، على أن ننشر تباعاً المحاور الأخرى المتعلقة بالمنطقة والعالم.
بدأ الدكتور “بلال اللقيس” حديثه عن العودة العربية إلى سوريا، قائلاً:
“الشعب السوري وبمساعدة أصدقاؤه تمكنوا من الانتصار على أكبر هجوم مرّ بالتاريخ على بلد منذ الحرب العالمية الثانية، شاركت فيه قاطرة دول بقيادة أمريكا وبدأنا نشهد آثار هذا الانتصار والنجاح وبعد الصبر بتنا أقرب إلى مشهد الانفراج”.
وفي جوابه على تساؤل حول سبب هذه العودة المفاجئة للدول العربية إلى سوريا أجاب قائلاً:
“تلمس القوى العربية أن مقاربتها للمسألة السورية كانت مقاربة خاطئة منذ البداية، وأن المسار السابق لم يفضي إلى شيء، بل ارتدت سياسات هذه الدول عليها، لذلك بدأت تبحث عن مسارات جديدة للحضور في الساحة وكذلك عن خيارات أخرى لتقليل الخسائر، وأتوقع هكذا هو حال تركيا في الفترة المقبلة”.
وأضاف:
“الخيارات بالنسبة للنظام السعودي على سبيل المثال لم تعد مفتوحة، لأنه خاض حروباً مفتوحة في أكثر من جبهة في الوقت الذي كانت فيه كلاً من قطر والإمارات تعززان اقتصادهما”.
وتابع القول:
“من يعيد النظر في سياسته هو الذي يفشل وهم من أعادوا النظر في سياساتهم وليس سوريا، فسوريا كانت ثابتة عند مواقفها دائماً وبالتالي إذا انفتحت السعودية على سوريا بالتأكيد سوريا ستبادل بالانفتاح هذه القيم العربية التي تعلمناها، وإذا تحدثت السعودية بلغة المصلحة أيضاً تتحدث سوريا بلغة المصلحة، وبناء عليه أتوقع أن لغة المصلحة والعقلانية والمنطق بالمقاربة هو الذي سيكون متقدماً على المنطق القديم (منطق الارتكاز على السياسة الأمريكية)”.
كما أجاب على سؤال هل سيصل الانفتاح العربي على سوريا لمرحلة كسر قيصر موضحاً:
“باعتقادي هو مسار بدأ وأرى أنه بالمعنى السياسي كسر قانون قيصر بمجرد هذا الانفتاح”.
وأشار “اللقيس أيضاً في هذا السياق إلى أنه حتى الأمريكي اليوم بدأ يبحث عن صيغة للحديث مع سوريا عبر أكثر من طريق، لأن سوريا نجحت وثبتت وتجاوزت، لذلك فالغرب ينظر بواقعية للمسائل ولا يهتم كثيراً للتحديات المبدئية.
وأوضح قائلاً:
“اليوم بعض الدول العربية تضع في حسبانها أنه ليس من المفيد لها عدم خروج سوريا من أزمتها الاقتصادية، فمن المصلحة القومية لكل الدول العربية أن تخرج سوريا من أزمتها الاقتصادية”.
أما في حديثه عن عودة العلاقات السورية التركية قال الدكتور “بلال اللقيس”:
“المسار التركي يسير نحو عودة العلاقات الطبيعية مع سوريا، فبالأمس القريب شاهدنا “معارضة جنيف” التي كانت ترفض الحوار مع الدولة السورية كيف بدأت تطالب بمطالب معينة للانخراط في العملية السياسية في سوريا.
وأضاف:
“أردوغان تتقاطع مصالحه “الجيوبوليتيكية” في المنطقة مع روسيا وإيران وتجربته الماضية فشلت وأحلامه في استعادة الدولة العثمانية ليست مقبولةً من أحد، ودل أيضاً عودة حركة حماس إلى سوريا أن مصالح القوى والحركات والقوى والدول لم تعد تتلاقى بالكامل مع الأطروحة الأردوغانية، لذلك أيضاً أردوغان من جهته سيتحدث في المرحلة المقبلة بلغة المنطق ولغة المصالح وهذا جيد”.
وتابع القول:
إن لغة المصالح تفضي إلى أن تركيا ستعيد النظر في مقاربتها السابقة وما قامت في الأشهر الأخيرة سوف يستكمل وصولاً إلى لقاء قمة مع الرئيس الأسد ذات يوم، وفي هذه العملية إذا ما تعاونت كل من سوريا وتركيا لحل أزمة الأكراد فأمريكا ستخلق أزمة أكبر في تركيا بوجه أردوغان ومسألة اللاجئين السوريين والمعارضة التركية التي تضغط أردوغان ومسألة إدلب والمجموعات المسلحة في إدلب كل ذلك مؤشرات على أننا ذاهبون إلى مشهد جديد يشبه ما شاهدناه في السعودية”.
في الإجابة على مقترح تحسين واقع الطاقة والوقود في سوريا بحلول دائمة وليست مؤقتة قال الدكتور بلال: في هذه المرحلة يوجد شقين:
الأول:
إخراج الاحتلال الأمريكي من سوريا وهذا تحدي وطني، وأي امرئ لا يكون مع هذه الفكرة فهو في موقع الخائن لوطن ولشعبه وخلال هذه الفترة يجب أن يكون لدينا إمكانية فعلية لمد الشعب السوري بخطوط ثابتة على مستوى الإنقاذ الاقتصادي.
كذلك، بعد عودة سوريا للجامعة العربية هناك دور كبير للأخوة في العراق في مساعدة الشعب السوري في موضوع الطاقة والنفط وإيران كدولة أساسية بالمحور يمكنها مساعدة سوريا ولبنان الى جانب العراق.
الثاني:
موضوع دعم الشعب السوري من أجل عودته إلى سوريا، فسوريا أصبحت دولة آمنة، وهناك إمكانية مادية لدعم هذه العودة وتأمين المقومات لها وهذه مصلحة لبعض الدول العربية للحضور السياسي في الساحة السورية، وبالتالي يتم الحديث عن إعادة الإعمار.
وأضاف:
إذا لم يبادر العرب للمساهمة في إعادة إعمار سوريا واستنقاذها اقتصادياً سيتقدم غيرهم لهذه المساهمة كأردوغان مثلاً أو غيره من الروسي والصيني والإيراني؛ لأن هذه المسألة لا تتحمل الفراغ فمن مصلحة العرب أن يتنافسوا إلى جانب القوى الإقليمية كإيران في الحضور إلى جانب أمّتهم العربية في سوريا لاستنقاذها من هذا الوضع.
وحول موضوع الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا قال الدكتور “بلال”:
أولاً:
إذا كان العدو الإسرائيلي يفترض أنه يقوم بالاعتداء على سوريا لأنها تساعد محور المقاومة فهذا فخر لسوريا ولا مانع أن تتحمل في سبيل ذلك بعض التبعات هذا تأكيد لعروبتها ونصاعة انتمائها للعروبة ودعمها للقضية الفلسطينية وهذه علامة إيجابية لسوريا.
ثانياً:
كل ما شعر العدو الإسرائيلي أن هدفه في تدمير سوريا أو تقسيم سوريا أو خلق منطقة آمنة في جنوب سوريا قد فشلت أهدافه وعادت سوريا مرفوعة الرأس إلى الجامعة العربية، وبالتالي هو يشعر بالاختناق وبلحظة الاختناق يبعث رسائل مفادها أنه لن يجعل نظام الحكم في سوريا يستقر، فهو يهاجم في التكتيك ولكن سوريا تحصد في الاستراتيجيا وتثبت في السياسة وبالتالي هذا نصر لسوريا.
ثالثاً:
طبيعة الحكم في سوريا ونمط التفكير الهادئ الذي انتهجه الرئيس حافظ الأسد والرئيس بشار الأسد هو أن سوريا لا تتكلم كثيراً بل تفعل الكثير، بعكس الكثير من التجارب العربية.
فإذاً سوريا تعلب دوراً خطيراً وحساساً في محور المقاومة ولكن بصمت.
والمطلوب في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية التخطيط الهادئ والتريث وليس الانفعال لأنها مسألة معقدة جداً ومرتبطة بعدة دول لذلك علينا أن نتهيأ ونتحضّر وننتظر أخطاء الإسرائيلي لأنه من المرجح أنه سوف يخطئ بسبب أزماته العميقة.
وأيضاً سوريا عملت مع إيران على إدخال منظومة صاروخية لمواجهة الطائرات الإسرائيلية، ومن الممكن أن نشهد في المرحلة المقبلة الدفاعات الجوية السورية تسقط الطائرات الإسرائيلية.
وختم بالقول:
“المرحلة مرحلة حذر والمطلوب أن تحقق أهدافك، فكل اعتداءات إسرائيل لن تجدي نفعاً في المعادلة الكبيرة لأن كل طرف من أطراف محور المقاومة بات أقوى من السابق”.