سمر عكو
طفلٌ لم يتعدى عمره البضع سنوات يستعينون به للتعرف على جثث عائلته التي أبيدت على يد الاحتلال الإسرائيلي ! أي مشهدٍ جللٍ هذا بحق كل الأديان والقوانين والتشريعات الإنسانية ؟؟
خدّيج يولد من رحم أمه الميتة ويقبع وحيداً في حاضنة زجاجية فمن يشتري له الحياة في بلد يحيط به الموت من كل الجهات ؟؟
يوسف ! الطفل ذو السبع سنوات “الحلو” صاحب الشعر “الكيرلي” ، كابوسٌ سيلاحق العالم المتفرج ويقضّ مضجعه .
أطفال غزة مستثنون من اتفاقيات حقوق الطفل :
تزامناً مع اليوم العالمي للطفل والذي يصادف اليوم لابد أن ننوه أنه لطالما أخفقت القوانين الدولية التي تهدف إلى حماية حقوق الأطفال في تحقيق أهدافها عندما يتعلق الأمر بفلسطين المحتلة ، فعلى مدار الساعة تُظهر لنا شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومشاهد عن اغتيال وتشويه الطفولة في غزة .
ففي تصريح لمندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة “رياض منصور” أفاد فيه عن استشهاد 13 ألف فلسطيني منذ بدء العدوان على قطاع غزة بينهم 5500 طفل حتى تاريخ اليوم إضافة لقصف الاحتلال لمدارس الأنوروا التي تحوي عشرات آلاف من العائلات الفلسطينية التي دمر الاحتلال بيوتها مما أدى لوقوع مجازر راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى من أطفال ونساء .
العدوان يترك آثاره على أطفال غزة :
استهداف العدو الصهيوني المتعمد للأطفال في غزة ينم عن وحشية ممنهجة، أولاً لإحداث خسارات في الأرواح ، وثانياً لخلق نوع من الصدمة لدى الباقين ممن بقوا على قيد الحياة بهدف إخضاعهم وترويعهم كما أن المجازر التي ترتكب بحقهم تؤدي إلى فصل أطفالٍ عن عائلاتهم مما يجعل مصيراً مجهولاً ينتظرهم في ظل غياب الرعاية والحُب الأساسيين لتجاوز صدمة الحرب ومنع تشكيل ندوب عميقة ستترك آثارها مدى الحياة على أجسادهم الغضّة .
صمت عربي وتواطؤ غربي :
فإن استثنينا دول المحور التي دفعت أغلى الأثمان ومازالت تدفع في سبيل الدفاع عن الحق الفلسطيني و جاهدت بالمال والسلاح والأرواح لتحقيق ذلك ،فإن كل ما يتعرض له الأطفال في غزة من نقص في الرعاية الصحية والتغذية والحرمان من التعليم أسوة بباقي أطفال العالم يتم بمباركة عالمية وتحت شعارات كاذبة، أطفال غزة يتعرضون لصدمات نفسية وعصبية عميقة تعيق نموهم الفكري وتجعل سير الحياة الطبيعية أمراً صعباً وتوأد كل أمل بمستقبل أفضل وكل ذلك على مرأى كاميرات وسائل الإعلام .
فأين الغرب الذي يشيد بحقوق الطفل ؟
أين المنظمات العالمية التي تدعو لحماية أرواح الأطفال ووقايتهم من كل الأخطار ؟ ألم تنص اتفاقية جنيف على عدم جواز حرمان الأطفال الذين يعيشون في أماكن النزاع من المأوى والغذاء أو المعونات الطبية أم أن هذه القوانين تشرّع لدول دون أخرى ؟؟
المجازر في غزة فنّدت كل الاتفاقيات الدولية لحماية الأطفال وأسقطت كل تماثيل الحرية التي يستتر الغرب خلفها في ارتكابه للجرائم الوحشية بحق الفلسطينين أو سكوته عمن يرتكبها .
الطعنة القاتلة من الأشقاء العرب :
ورغم كل هذا التواطؤ العالمي ضد شعب غزة فإن الطعنة القاتلة جاءت من إخوتهم العرب متسائلين أين العرب الذين كانوا لا ينامون على ضيم ؟؟
ألم يبق في شعوب الأمة شيء من شهامة العرب أو بقية من حميّة الجاهلية او قليلٌ من مروءة الإسلام ؟؟
ولأن للتاريخ كلمة ستظل الأجيال تذكرها فإن التاريخ سيسجل بعناوين عريضة كيف رقص المشايخ من أعراب الأمة على دماء الأطفال في غزة و ووقفوا في وجه الصواريخ المرسلة لتدمير آلة القتل الإسرائيلية ولم يردعهم دين أو إنسانية وصاروا عبيداً للشيطان الصهيوني في بلد يُرجم فيه الشيطان ويطوف به المسلمون حول بيوت الله.
ختاماً :
عارٌ أن يطلع صبحٌ على الأمة العربية وفي غزة أطفال تصرخ من لوعة الألم والفقد والجوع والحرمان وتتعرض لإبادة جماعية على مرأى ومسمع العالم ، فهم ليسوا بخبرٍ عاجل في نشرة أخبار و ليسوا رقماً في إحصائية ، هم الابتسامةُ العذبة على شفةِ الحياة ودون أحلامهم البريئة لا معنى لحياة ، و هم اللحن الذي يكاغي آمالنا بالسلام والأمان ، وأي أمان ودفء سيفقد العالم بعد رحيلهم ، و ماذا سنقول لألعابهم الوحيدة الحزينة المشوهة بقذائف الفوسفور والتي تنتظر أصحابها.