الكلمة الطيبة صدقة، وطاقتها المؤثرة تفعل فعل الدواء للروح إن كانت إيجابية، وفعل الرصاصة القاتلة إن كانت سلبية، كما لها قدرة هائلة في التأثير على عقول الأشخاص وإيمانهم بأنفسهم وتشكيل شخصياتهم، فنجد البعض قد يوجه الكلمات السلبية على شكل هزار في حين يتلقاها الشخص الآخر بمنتهى القسوة وقد تصل به إلى جعله مشوهاً نفسياً.
بذور الكلمة السيئة.. ماذا تثمر؟
أكدت الدراسات أن للكلمة قوة شديدة على الإنسان وتكرار الكلمات السلبية يؤثر في العقل الباطني ويؤدي إلى ردة فعل غير مرضية تجاه أنفسنا والأشخاص الذين يرددون الكلمات السلبية يصبحون أقل في جرأتهم وقوتهم الداخلية ويشعرون بالعجز تجاه ما يتمنون الوصول إليه، كما أن لهذه الكلمات آثار مضرة لفترة طويلة سواء كانت الكلمات موجهة إلى طفل أو شقيق أو صديق أو زميل أو غريب لذلك من الضروري التفكير في مدى تأثير الكلمات على الآخرين.
كما أن الأشخاص الذين توجه لهم كلمات سلبية يعانون من قلق طويل المدى في حياتهم وسلوك المهزومين للذات يتعمق بشكل كبير في أصحاب الصور الذاتية السيئة التي تتمتع بسلوكيات سيئة تضر بهم بشكل خطير مما يخلق بيئة أكثر سلبية لهم
الكلام السلبي يولد القسوة وعدم الثقة بالنفس
إن الإساءة اللفظية والقسوة بالكلام السلبي تولد القسوة ولا يتعلم الشخص سوى السلبية ويبقى شخصاً سلبياً في المستقبل حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لم يتعاملوا معه مطلقاً عندما كان صغيراً كما يؤدي إلى الإفراط في قول الكلمات السلبية والتشهير بالابن أو الابنة والسباب وهذا يرسخ أيضاً قلة إحساس الشخص بنفسه ويساهم في الصورة الذاتية السلبية طويلة المدى
وأوضحت دراسة أجريت عام 2014 بأن التربية السلبية والتي تقوم على التهديدات اللفظية والجسدية والصراخ المستمر تؤدي إلى جعل الشخص يكتسب السلوك السلبي كما تجعل منه شخص يعاني من العدوانية وعدم اتباع التوجيهات من مصادر مسؤولة.
فإن الكلمة تتبلور من خلال التصورات التي تشكلها المعتقدات والدوافع السلوكية ويصبح هناك عالم خاص بكل شخص ويظهر تأثير الكلمات من خلال الاستجابات العاطفية عندما تقرأ أو تقال أو تسمع لذلك يجب الحذر الشديد عند التحدث مع الغير فالكلام السلبي يؤثر على الإنسان بشكل كبير خاصة للذين يعيشون في منزل يكون فيه دوماً النقد اللاذع والتهكم القاسي موضوعاً طبيعياً، فإن تلك الكلمات يمكن أن تؤثر بالسلب أكثر من التأثيرات الجسدية، كما أن ضعف احترام الذات وتعميق الكلام السلبي في عقول الأشخاص بالإضافة إلى الألم الذي يحس فيه الفرد بالأخص إذا كانت الكلمات من المقربين، مثل الوالد أو المعلم، هذا يصبح دليلاُ على عدم تفكير الشخص بك وتكون النتائج المستقبلية سيئة وسيكرر الأشخاص هذه الكلمات السلبية لذواتهم وسيفقدون الثقة بأنفسهم.
الكلمة السيئة تنشئ جيلاً مدمر نفسياً
إن الأشخاص الذين يتعرضون إلى عوامل الانضباط الصارم أو السلبي يواجهون مشاكل حب السيطرة على الآخرين وقد يصل إلى الاضطراب والوسواس القهري والصراعات المقلقة إلى جانب أمراض عقلية قد يكون بعضها خطير، ومن الممكن أن تتسبب التربية السلبية والتي تنطوي على التهديدات اللفظية أو الجسدية في حدوث عواقب سلبية سريعة لسلوك معين وإلى مشاكل عاطفية
ولا يخلو الأمر بأن تلك الكلمات تؤثر أيضاً على صحة الجسم فالتعرض لفترات طويلة من السلبية يؤثر على عملية الهضم ويؤثر سلباً على جهاز المناعة، فالأشخاص السلبيون أكثر عرضة للأمراض مثل الصداع وألم الصدر والإعياء واضطراب المعدة ومشاكل النوم، بالإضافة إلى القلق والاكتئاب، في عملية التمثيل الغذائي وأضرار سلبية طويلة الأمد بالصحة العقلية والعزلة الاجتماعية ويؤدي إلى الميل للتدخين أو إدمان المخدرات.
الطاقة الإيجابية ماذا تثمر …؟
تكون جهة التيار دائماً من السالب إلى الموجب وهذا الحال بالنسبة للأشخاص فالطاقة السالبة تنتقل إلى الطاقة الإيجابية وتجعل الشخص سلبياً فإذا كان البعض يمتلك علاقات مع أصدقاء سلبيين عليه تقليل الوقت الذي يقضيه معهم والبحث عن أصدقاء إيجابيين.
كما يجب أن يحيط الإنسان نفسه بكلمات إيجابية وراقية تعبر بشكل رائع عن ذاته وعن عائلته وأهدافه كل ذلك سينتج طاقة إيجابية تخترق النفس، وأيضا استعمال قوة التكرار بكلمات إيجابية أسلوب فعال للغاية.
فالجمل الإيجابية البسيطة الغير معقدة تعطي دفعاً كبيراً ويجب أن تكون قصيرة ومحددة الهدف حتى تصبح فعالة، وبذلك يكون للكلام الإيجابي القصير تأثيراً أعمق على الداخل من العبارات الطويلة والمملة، كما أن كلمات المدح تعطي طاقة إيجابية.
لذلك علينا اتباع الإيجابية في الحديث وخاصة مع الأطفال فالكلمات الإيجابية تعمل عل تقوية أماكن داخل الفص الجبهي للإنسان وتقوي من الأداء الإدراكي للمخ وتزيد الثقة بالنفس.
وختاماً:
الكلمة الإيجابية الطيبة هي مفتاح الحياة والكلمة السلبية هي من يدفننا في الحياة فمن تمارض مرض، ومن تفاقر افتقر، ومن تذلل ذلَّ، ومن تهاون هان، ومن استعصم عصم، كن نفسك كن ذاتك كن النور احتفظ بطاقة كلامك للبناء لا للهدم.
فحينما تكون الكلمة حادة تصبح كالسكين لديها القدرة على أن تصل إلى الأعماق وتجرح بقوة وتتسبب في نزيف مستمر من المعاناة والكآبة، لكن الكلمة الطيبة مثل الشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي ثمارها ولو بعد حين.