بقلم: دانيا الغباش
في ضوء الأحداث الجشعة التي يرتكبها الكيان في غزة، وفي ظل الإبادة الجماعية التي يطبّقها الكيان على الفلسطينيين، نرى الغرب يبعث بأشعته القاتلة إلى الشرق لمساندة الكيان في إجرامه.
فما توانى يوماً عن إرسال السلاح، ولا عن التضليل الإعلامي الذي يظهر الكيان بمظهر المظلوم، ولا عن الاجتماعات والاعتداءات التي يشنها على كل دولة تقف مع القضية؛ ليتبادر بعدها إلى أذهاننا؛ الفكرة التي تتحدث عن الغرب وحضارته، ولكن أي حضارة والإجرام هو أكل الغرب وشربه؟!
الحضارة ودلالاتها..
وإذا أردنا معرفة أسباب فصل الحضارة عن الإجرام فعلينا أن نعرف جيداً ما هي الحضارة، فالحضارة حالةٌ متقدمةٌ للمجتمع الإنساني؛ تجاوز فيها هذا المجتمع حالة الفوضى ووضع أسساً تنظيميةً لحياة الناس، مما نشر نمط حياة أكثر راحةً وفتح مجالات تفكيرٍ وعمل أكثر أمامهم كمجالات التعليم والفنون وغيرها.
إضافةً إلى أنها النتاج الثقافي والمادي المتراكم لأمةٍ، والتي تمنحها خاصيةً مميزة عن الأمم الأخرى، وهي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق.
فإذا ما أمِنَ الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها.
إذاً فالحضارة تتجه بشكل كامل نحو الإنسان ورقيّه، وأمنه وسلامته، ولكن الغرب المدّعي الحضارة ادّعاء ماذا فعل؟!
الغرب ودعم الإرهاب..
وفي تتمة الحديث عن الغرب وحضارته المزعومة؛ نتساءل ماذا يمتلك الغرب من الحضارة التي تحدثنا عنها؟؟
فإن الفكرة الأولى التي يجب أن نسلّط عليها الضوء هنا؛ هي الابتعاد عن الفوضى، والغرب هو أبعد ما يكون عن هذا، فهو المحرّض الأول للخراب والدمار والحروب، وأبرز الأحداث التي نراها اليوم في غزة وما بعد الطوفان؛ فكل شيء كان مخبأ ويحدث بصمت والعالم لا يرى، لكن اليوم كلّ شيء بدا واضحاً، والكل يرى كيف الغرب يدعم الإجرام ويرسل الأسلحة بشكل كبير ليكون هو الأول في حرب الإبادة ونسف الدماء.
وحسبما رأينا في مفهوم الحضارة؛ فهي الأمن من الخوف والتحرر، إضافةً لكونها الشيء الذي يساعد على إيجاد حياة فيها أكثر راحة، فأين هو الغرب من هذا؟ وأين الحضارة التي يتحدث عنها، وهو لا يمتلك أبسط الأشياء فيها، وهو الحصول على الأمن؟! فماذا يهم الفن والتطور في اللباس والطعام، وأهم الأشياء لا يمتلكها!
لا حضارة في دعم اللا حضاري..
ومن جهة أخرى في هذا الحديث؛ فإن الغرب يدعم الكيان الصهيوني في حربه ضد الشعب الفلسطيني، علماً أن الكيان هو شيء أحدثه الغرب، والحضارة هي كما قلنا بأنها نتاج فكري متراكم لأمة، ما يعني أنها تأتي عبر زمن طويل لدولة، أو لشعب، ولكن الكيان لا يملك تاريخ، فهو عبارة عن جماعة جمّعها الغرب من اليهود حول العالم؛ ورمى بهم في الأرض المقدسة.
الأمر الذي يؤكد أن الغرب يدعم جماعة مُحدثة لا هوية لها، ولا أرض، وهي في الأصل ليست شعب يعيش على أرض لها تاريخ حضاري، فكيف لمدّعي الحضارة أن يدعم شيء لا يمتلك حضارة؟! فنحن عندما نقتنع بفكرة أو أمر، علينا أن ندعم هذا الأمر لا ضده.
ختاماً.
إن الدول الغربية لم تكن حضارية يوماً ما، لأنها منذ غابر الزمان وهي تعتمد على الأفكار التي أسسها الشرق الأوسط، فهم أينما وجدوا الفكر الخلّاق والإبداع، يقومون بحرب وصراع؛ ليسلبوا عبر الهجرة أو السرقة كل التطور الذين هم اليوم يعيشون عليه، فأن تكون حضاري لا أن تسير على “الموضة” وإنما أن تحمل قيم وأخلاق الحضارة، والحضارة حكماً بريئة من الغرب وأفكاره.