أخبار حلب _ سوريا
تمتاز حلب بأحيائها القديمة التي يطغى عليها الطابع التاريخي والحضاري لهذه المحافظة؛ ومن أهم هذه الأحياء حي “الجلّوم” الذي يبوح بقصص وتاريخ الأجداد، حيث العراقة والأصالة تنبع من الجدران والأزقة وابتسامات الناس البسطاء ووجوههم البشوشة.
وعندما نسمع اسم هذا الحي الغريب بعض الشيء؛ يتبادر إلى أذهاننا لماذا أطلق عليه هذا الاسم؟
وضمن إطار الإجابة؛ فإن الأسباب تنوّعت لكن يظل الاسم واحد، ووفقاً لبعض الأبحاث فإن “الجلوم” هو اسم الفاعل من فعل جزّ الصوف باللغة السريانية، لأن حي الجلوم كان مكاناً لجز صوف المواشي.
وبعض المراجع أوضحت أنها محرفة من “جاء اللوم” لأنه كان لقباً لوجيه من الحي، كان له نفوذ يخوله أن يوجه اللوم إلى أحكام السلطة وغيرها فدعي باسمه.
ومنهم من قال إنها محرفة من “جلا القوم”؛ ويراد بذلك أن سكان الحي جلوا عن موطنهم الأصلي.
ورأيٌ آخر ارتأى أن هذه التسمية محرّفة من “جلَّ القوم”، وذلك لأن سكانها كانوا من علية القوم، فيما رأى المؤرخ الكبير “كامل الغزّي” أنها ربما تكونُ محرفةً عن “سلوم”.
وأما عن موضع الحي وأقسامه؛ فإنه ينفذ إلى ظاهر المدينة عبرَ باب أنطاكية غرباً، وباب قنسرين جنوباً، وكان قد أقيم بين هذين البابين ثغرة سميت “خراق الجلوم”، أما حيُّ العقبة فيحد الجلّوم من الشمال.
ويقسم الحي العريق إلى قسمين: “جلوم كبرى”، وقد تسمى “الجلوم البرانية”، و”جلوم صغرى” وقد تسمى “الجلوم الجوانية”.
وقد أحدث في الجلوم خراقان أحدهما قديم والثاني جديد: الأول يسمى “خراق الجلوم” ويؤدي إلى “جلوم كبرى”، والثاني في صليبية الجلوم.
ويتوسط الجلوم الكبرى سوق قديم يبدأ من مجمع الشيباني، وينتهي عند جامع الشعيبيّة بداية باب إنطاكية؛ وهو سوق مستحدث منذ عام 1960م تقريباً، حيث تحولت بعض البيوت العربية القديمة، وأجزاء من الخانات إلى محلات تجارية، معظمها للألبسة النسائية، والرجالية والولادية الوطنية.
ويتشعب هذا السوق إلى تفرعات عديدة، فمن جهة اليسار يوجد “مجمع الشيباني” الذي يضم كنيسة، ومدرسة ودير، ويعود تاريخه للقرن الثاني عشر ميلادي.
كما إن حي الجلّوم هو مسقط رأس العديد من الأدباء والمثقفين وأعرق العائلات بحلب، فمن أبرز مواليده “أحمد بن مسعود” والد المفكر “عبد الرحمن الكواكبي”.
وكانت حلب ولا زالت بأحيائها وأسواقها المدينة التي تسطر تاريخها بحبر من ذهب، وتلخص مسيرة الإنسان لتثبت أنها جديرة بالحياة.