أخبار حلب _ سوريا
يجسد حي البياضة في مدينة حلب جمال الماضي وروعة التراث، وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها المدينة خلال سنوات الحرب، إلا أن حي البياضة استمر في الوقوف كشاهد على تاريخ حافل وثقافة غنية.
الحي الذي زادت إطلالته على قلعة حلب الأثرية من جماله وأهمية موقعه الجغرافي، يحتوي على نسيج عمراني أصيل يترجم تاريخ المدينة العريق، ويأخذنا في رحلة عبر الزمن من خلال البيوت القديمة والأسواق التاريخية التي تعبق بالحضارة المتراصة في جدرانها، والتي أضفت عليه لمسة إبداعية رقيقة.
ويعتبر جامع “الصروي” من أبرز معالمه التاريخية والذي يعود بنائه للعام 1378م من قبل الحاج “ناصر الدين بن محمد بدر الدين بتلنك الصروي”، إضافة للمدرسة الكلتاوية والتي يعود بنائها للعام 1385 م، كما تعد الزاوية “البلهاردية” والتي يعود بنائها للعام 1427 من معالم الحي المميزة.
وأنت تتجول في حي البياضة لابد لك من زيارة الجامع “الحموي” الذي يعود بناؤه للعام 1560م من قبل الحاج “محمد بن داوود النوري المغربي”، وإن كنت من المعجبين بالأفكار الصوفية فعليك ألا تنسى الذهاب إلى التكية الإخلاصية “الرفاعية” والتي يعود بناؤها للعام 1634م.
ويوجد بالحي المدرسة الأتبكية التي بناها “شهاب الدين أتاباك” “السلطان محمد العزيز بن السلطان غازي بن صلاح الدين” وله ضريح داخل المدرسة، كما أن “السلطان سليم الأول” دخل الحي من جهة حي “باب الحديد” وقام ببناء جامع “البياضة” عام 1416، ويضم الحي عدة معالم مملوكية وحمامات بياضة ومعالم قبو النجارين.
الثروة المعمارية ليست وحدها من ترفع من مكانة الحي بل إن الحي يحوي في طياته قصة محبة سكانه لبعضهم البعض والذين توحدوا في الأزمات التي مرت على المدينة، كما يشتهر بوجود عدد من العلماء والخطباء والشعراء فهو حي ينبض بالقيم الثقافية والتاريخية والفكرية.
أما إن كانت تراودك أسئلة حول سبب تسمية الحي، فقد تباينت آراء المؤرخين عن سبب تسميته بحي “البياضة”؛ فبعضهم أرجع ذلك للوصف الطبيعي للحي لما يحتويه من تربة بيضاء كلسية حوارية في أرضيته قبل أن يتم تبليطها.
وقال البعض الآخر إن سبب التسمية جاءت بسبب وجود خان شهير مخصص لبيع البيض وأشاروا إلى أن الخان لم يعد موجود حالياً، إلا أن الكثير من أهالي الحي يتذكرون ذلك الخان، فيما تنتشر على جانبي الطريق الواصل إليه مجموعة من الفعاليات الاقتصادية والتجارية.
والجدير بالذكر هنا، أن المدينة القديمة بحلب أُعلنت جزءاً من التراث العالمي من قبل منظمة الأمم المتحدة للعلوم، والتربية، والثقافة عام 1986.
وخلاصة لما ذكرنا نجد أن حي البياضة يستحق منا الاهتمام والحفاظ على جماله وتراثه ومعالمه التاريخية، وتوفير الدعم والاهتمام لسكان الحي وذلك بوضع خطط تنموية مستدامة تعزز السياحة الثقافية والحياة المجتمعية في الحي.
ويمكن استغلال التكنولوجيا لتعزيز الوعي بتاريخ الحي وثقافته، وتنظيم فعاليات ثقافية ومعارض فنية في الحي لجذب الزوار والمهتمين، وتعزيز الجهود الرامية إلى تعليم الأجيال القادمة عن تاريخ الحي وأهميته.
باختصار، يحمل حي البياضة ثروة ثقافية وتاريخية كبيرة نفتخر بها، وإن تعزيز الهوية المحلية للحي يساهم في إثراء التراث الثقافي العالمي وإلهام الأجيال القادمة.