أخبار حلب _ سوريا
كثيرة هي الأخبار عن حلب بقلعتها التي تعتبر حاضرة المدينة وسورها الذي كان أعتى ما مرّ على وجه الغزاة، ولكن هل حدثك أحدهم عن سراديب حلب الـ 46 و كنوز حلب التي لم يكتشف منها إلا القليل حتى يومنا هذا، وعن الكنوز التي دفنت على “درب حلب” بحكم وقوع حلب على طريق الحرير أو طريق التجارة آنذاك والتي جعلت الكثير من المسافرين يدفنون ذهبهم و فضتهم ومجوهراتهم عندما يقترب منهم لصوص وقطاع طرق، وأيضاً في القلاع والبيوت القديمة حيث لم يكن في ذلك الزمان بنوك ومصارف فكان الأهالي يضعون ما لديهم من حلي ونقود ذهبية في وعاء فخاري ولحمايته من اللصوص كانوا يدفنون ذلك الوعاء في مكان ما تحت أرضية المنزل.
القلعة التي لا تموت
تحت هذه القلعة يوجد مجموعة كبيرة وضخمة لسراديب تتشعب بشكل يجعل الغريب عن هذه القلعة يتوه فيها تماماً وجزء من هذه السراديب توصل إلى الأبواب التسعة لحلب القديمة وهي:
“باب قنسرين، باب النيرب، باب النصر، باب الحديد، باب جنين، باب أنطاكية، باب الفرج، باب المقام، باب الأحمر” والبعض يوصل إلى أسواق حلب كـ “سوق التلل، سوق النحاسين” ومنها إلى أحياء حلب كذلك كـ “حي الجديدة وحي سوق النحاسين”، هذه الأنفاق كانت آنذاك أهم استراتيجية عسكرية تمنع القلعة من السقوط بيد الاحتلال والقسم الآخر من السراديب توصل لخارج السور فمنها من يصل إلى البيوت العربية المحيطة بالسور والبعض الآخر يوصل خارج المدينة بأكملها، حتى أنه يحكى أن هناك سراديب يصل طولها إلى كيلومترات طويلة لم تعرف حتى اليوم وهذه السراديب معدة لتكون طويلة الأمد فهي مبنية من الحجر وكل سرداب من هذه السراديب يتفرع إلى أكثر من فرع وفي كل سرداب يوجد مغارة لها مهمة محددة لنحصل على متاهة كبيرة جداً ومدينة من السراديب تحت حلب المدينة.
وهذه السراديب الـ 46 هي شرايين حلب سابقاً وفي الحرب على سوريا استخدمها الجيش السوري في إيصال الدعم لحماية القلعة إبان الحصار الذي كان مفروضاً عليها وهذه السراديب بعضها كان يوصل إلى مكامن الذهب ومخازنه تحت مدينة حلب.
كنوز حلب وخرافات الرصد
في هذه المدينة التي تعتبر أقدم مدينة مأهولة في التاريخ مرت حضارات كثيرة وتركت ورائها ما تركت من ذهب وأحجار كريمة وآثار وما يعرف ومتداول بين الناس بمصطلح “الطميرة” وتشير تقارير إعلامية إلى أن الشمال السوري والشمال الشرقي هو عبارة عن “جزيرة ذهب” فالعثمانيون وقبلهم المماليك وحضارات بائدة تركت خلفها من الكنوز ما ينوء بحمل مفاتيحه العصبة من الرجال، ولكن زلزال حلب عام 1138 جعل الكثير من هذه الكنوز تصبح في باطن الأرض على أعماق سحيقة لا يمكن الوصول إليها وبعضها الآخر مرصود بسحر ويسمون بحرّاس الكنوز.
فعلى سبيل المثال “الأفعى” التي تكون حارسة للكنوز وأي محاولة لاستخراجه تنتهي بالقتل وربما يكون الرصد عبارة عن “ديك” يكون لونه مختلف عن لون الديكة العادية وهذا الديك يكون رصد للكنز وفي الأغلب يكون نوع هذا الرصد هو محاولة لتخويف الشخص المنقب عن الكنز لإخافته، وأخطر أنواع الرصد هو ما يظهر على هيئة “عبد أسود أو قرد بيده سلسلة”، وهذا الرصد ينتهي غالباً بموت المنقب، وبعيداً عن كل هذا الكلام يأتي السؤال المنطقي “كيف استطاع علماء الآثار سواء في قلعة حلب أو غيرها من التنقيب عن الآثار والكنوز دون أن يصيبهم مكروه من الرصد؟” وهنا يأتي الجواب الشافي حيث جاءت الإجابة أنه إما تكون مدة عقد الرصد منتهية فيترك الرصد مكان الكنز ويمضي أو يستعين علماء الآثار برجال يتقنون فك الطلاسم وضرب “المندل” والتواصل مع الجن لفك الرصد والوصول للكنز دون أذى، وفي حلب القديمة توجد إشارات كثيرة تشير إلى وجود كنوز أو مقبرة شخصية مهمة معه كنز ضخم ومن إشارات وجود كنز على سبيل المثال إشارة تكون موجودة على صخرة أو باب منزل قديم أو جدار قديم أو مغارة ومن الإشارات “مفتاح، قدم يمنى، قدم يسرى، جرن مربع، جرن مستطيل، مربط فرس … وغيرها الكثير”.
وقد تم الكشف عن كميات من الذهب والآثار في سور حلب القديمة و خارج السور من قبل الجهات المعنية وفي الحرب على سوريا إبان حصار حلب وانقسامها لشرقية وغربية قامت المجموعة المسلحة الإرهابية بالبحث عن الآثار وعمليات التنقيب غير المشروعة بمنطقة حلب القديمة وتم تهريب وبيع الكنوز إلى خارج البلاد وحاولوا جاهدين الدخول إلى القلعة كي يضعوا أيديهم على الكنوز المدفون بتوجيهات من ضباط يهود وأمريكيين ولكن حامية القلعة دافعت عن القلعة حتى آخر نقطة دم لأهميتها التاريخية وأيضاً الاستراتيجية، وكذلك قام بعض ضعاف النفوس بمحاولة التنقيب عن الآثار والكنوز في المنطقة التي كانت خارج سيطرة الدولة السورية ومنهم من عثر على كنوز وسافر بها نحو الخارج متفادياً العقوبة.
التنقيب والقانون
نصت المادة 830 من القانون المدني:
“الكنز المدفون والمخبوء، الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له، يكون ثلاثة أخماسه لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز، وخمسه لمكتشفه، والخمس الأخير لخزينة الدولة، مع مراعاة النصوص الواردة في القوانين والأنظمة الخاصة بالمناجم والآثار”.
وهذا يضمن لمالك العقار ومكتشفه حصته من الكنز أو الدفينة كي لا يتم تجاوز القانون واللجوء إلى الأساليب الغير المشروعة والأجهزة التي لم ترخص الدولة استيرادها أو استعمالها على الأراضي السورية.
أما في موضوع العقوبة فقد نص القانون السوري في المادة 57-2 من قانون الآثار السوري على أن “يعاقب بالاعتقال من عشر سنوات إلى خمس عشرة سنة، وبغرامة من مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية، كل من أجرى التنقيب عن الآثار، وهذا يشمل جميع أعمال الحفر والسبر والتحري التي تستهدف العثور على آثار منقولة أو غير منقولة في باطن الأرض، أو على سطحها، أو في مجاري المياه أو غيره”.
والقانون واضح في هذا الخصوص ولا يتوانى في إيقاع العقوبة التي تمس باقتصاد الوطن وتاريخ هذه البلاد والجهات المختصة لا توفر جهد في هذا المجال فجرائم البحث والتنقيب تتابع بأهمية من قبل الجهات المعنية.
حلب هي الكنز
في باطن حلب وعلى طول سراديبها الـ 46 وبيوتها القديمة وكل ما لم تغزوه ثورة العمران الحديثة كنوز لا حصر لها وتقوم البعثات الحكومية بالبحث والتنقيب عنها بغية الحفاظ عليها كتراث حقيقي لأقدم مدينة مأهولة في التاريخ ولكن الكنز الحقيقي أيها الرفاق هي مدينة حلب بحد ذاتها فمن يدرك قيمة حلب يدرك تماماً أنها كنز كامل المعالم والأوصاف حجراً حجر.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News