أخبار حلب _ سوريا
لكلّ أمةٍ في هذا العالم تراثٌ وهوية تتوارثها الأجيال وتحافظ عليها، بما في ذلك المعرفة والحكمة والأدب، تنتقل جيلاً بعد جيل من الأجداد إلى الأحفاد، ومن اللافت للنظر، أن أكثر الأشياء توارثاً ونقلاً عن الأجداد؛ هي الحكايات والأمثال الشعبية، التي لا تنضب ولا تنتهي، ومن أسباب توارثها أنها تنقل تجارب ونتائج لأحداث، لعلها تكون عبرة أو موعظة.
فما هو المثل الشعبي؟
الأمثال هي من الأدب الشعبي، وتعبير عن نتاج تجربة شعبية طويلة أدت إلى عبرة وحكمة، وهو أشبه ما يكون بالرواية الشعبية التي تقص قصة موجزة فتسهم في تكوين الشعب، فهي موروث حضاري وتراث شعبي قديم وخلاصة للتجارب القديمة التي خاضها الأجداد والآباء.
حيث تعكس بعض الأمثال الشعبية مواقف عالمية تعيش في الإنسانية، ولهذا السبب يوجد تشابه في الأمثال في مختلف اللغات والثقافات، ويمكن لكل ثقافة أن تصوغ نموذجها المعاد لتتماشى مع عاداتها وطريقة مواجهتها.
خصائص الأمثال الشعبية
كما هو معروف أن لكل شيء خصائص وسمات، فإن للأمثال الشعبية أيضاً خصائص، تميزها عن غيرها من الآداب، فكونها أدب شعبي لا يعني خلّوها من مميزات تعرّف السامع أن هذا المنقول هو مثل شعبي لا شعر ولا خاطرة، ويتميز المثل الشعبي بسبع خصائص وهي:
أولاً: تتكون من عبارات مستقلة؛ فعادة ما تكون الأمثال الشعبية عبارات مختصرة وتتكون من جزأين، وأحياناً تصل إلى ثلاثة، معبرةً عن ارتباط فكرتين بمعنى فردي، الجزء الأول يروي حقيقة والثاني يصف عواقبها.
ثانياً: تتكون من لغة بسيطة؛ إذ تتألف الأمثال عادة من لغة بسيطة للغاية، مع قافية تسهّل تعلمها ونشرها مع كلمات تربط أشياء من الحياة اليومية تسهل فهمها.
ثالثاً: تتحدث عن واقع الحياة؛ فهي تعكس جملة قد تكون نتاج خبرة أو معيار تعليمي أو سلوكي.
رابعاً: ذات استخدام عامي؛ فالأمثال تتكرر في المحادثات لإضفاء طابع يضرب به المثل على فكرة، وهو جزء من الكلام غير الرسمي في الحياة اليومية.
خامساً: نافذة المفعول؛ فالأمثال الشعبية تشير إلى المواقف الحالية في الحياة العملية على الرغم من أنه تم تصورها في العصور القديمة جداً، باستخدام مقارنات مع ملاحظات الطبيعة أو الحرف أو الموضوعات الروحية.
سادساً: سهلة الحفظ؛ وذلك لاستخدام القافية أو القياس أو المقارنة والتورية في هيكلها، وبهذه الطريقة يتم تعزيز حفظ الأمثال وسهولتها.
سابعاً: خلق شعور بالحق أو الباطل؛ فالمثل الشعبي يعبر عن تجربة أو حقيقة، ويعطي هذا القول للقارئ إحساساً بأنه مالك الحقيقة والمعرفة التي يريد أن يتعلم بها.
لكن ما هي أهمية المثل الشعبي وما هي أهم الأمثال؟
تكمن أهمية الأمثال الشعبية كونها من أكثر فروع الثقافة الشعبية ثراء؛ لأنها تجسد التعبيرات الناتجة عن تجربة شعبية طويلة ويكون ملخصها العبرة والحكمة المكتسبة من التجربة، ولكل مثل شعبي ملامح خاصة بشعب ترتبط بعاداته وتقاليده، لذلك تتسم الأمثال الشعبية بجزء من حياة ومعتقدات ومعايير الأخلاق للشعب.
والأمثال الشعبية لا يتم تدريسها في المدارس، بل هي تلك الجمل التي نسمعها في المنزل وخارجه، وخاصةً من الأشخاص الكبار، وهناك أمثال شعبية كثيرة، وكل مثل شعبي يحمل في طياته قصة وعبرة تكون مثالاً لما يمر مع الأشخاص، وأهمها:
1. طب الجرة على تمها تطلع البنت لأمها.
2. القرد بعين أمو غزال.
3. يلي بعرف بعرف ويلي ما بعرف بقول كف عدس.
4. قلبي ع ولدي وقلب ولدي ع حجر.
5. ضربني وبكى سبقني واشتكى.
6. عميل منيح وكب بالبحر.
7. غسل وجهك ما بتعرف مين ببوسه ونضف بيتك ما بتعرف مين يدوسه.
8. يا مأمنة بالرجال متل المي بالغربال.
9. العين بصيرة والأيد قصيرة.
10. خطف الكباية من رأس الماعون.
ختاماً
إن الأمثال تمثل ترجمة صادقة لخلاصة تجارب الأسلاف في صراعهم مع الحياة من أجل البقاء، وتقال إما بسبب موقف مر به شخص أو حكمة نطق بها أحد عقلاء المجتمع الذين عاشوا في المكان وذاقوا حلوه ومره فأصبحت مثلاً شائعاً في أصقاع الدولة.