أخبار حلب _ سوريا
مع تطور الزمن ومع انتهاء القرن العشرين؛ ظهر مصطلح التحوّل الرقمي، وازداد انتشاره في العقدين الأخيرين من القرن الحادي والعشرين مع تزايد استخدام التكنولوجيا في الحياة اليومية والعمل وظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات وإنترنت الأشياء؛ حيث يعتبر جزء من الثورة الصناعية الرابعة، والتي تعتمد على المكننة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين الإنتاج والخدمات، وهو يتجاوز مجرد الأتمتة، إذ يتعلق بإعادة تصميم الأعمال والاستراتيجيات للتكيف مع التغيرات التكنولوجية المستمرة.
ومن الحالات العملية لعمليات التحوّل الرقمي الكبيرة يمكن ذكر شركة “أمازون”؛ والتي تعدّ نموذجاً بارزاً للتحول الرقمي، فقد استخدمت التكنولوجيا لتغيير نموذج الأعمال التقليدي في البيع بالتجزئة. كذلك، اعتمدت شركة “أوبر” على التحوّل الرقمي لإحداث ثورة في قطاع النقل، مثال آخر هو شركة “نتفليكس”، والتي تحولت من خدمة تأجير أقراص DVD إلى منصة بث رقمية عالمية تعتمد على تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي لتقديم محتوى مخصص للمستخدمين.
وإضافة لذلك، فقد أدى التحوّل الرقمي إلى تغيير طبيعة الوظائف والمهارات المطلوبة في سوق العمل؛ بينما تسبب في فقدان بعض الوظائف التقليدية، إلا أنه أوجد فرصاً جديدة في مجالات التكنولوجيا والابتكار، ويتداخل التحوّل الرقمي مع العديد من التقنيات الحديثة، مثل: “التطبيقات والبرامج، وتعني تطوير حلول برمجية لتحسين العمليات والخدمات، قدرات الشبكات للإفادة من الشبكات السريعة والموثوقة، الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي ويؤدي إلى تحسين الكفاءة واتخاذ قرارات مستندة إلى البيانات، الواقع المدمج والافتراضي لتقديم تجارب جديدة للمستخدمين، تقنية الاستشعار لتحسين عمليات التصنيع والمراقبة، السحابة التي تقدم خدمات تخزين ومعالجة بيانات فعالة”.
ويمكن تقسيم التحوّل الرقمي إلى عدة أنواع، وهي تشمل: “التحوّل في العمليات عبر تحسين العمليات الداخلية باستخدام التكنولوجيا، التحوّل في تجربة العملاء عبر تحسين تجربة العملاء من خلال تقديم خدمات رقمية متميزة، التحوّل في نماذج الأعمال عبر ابتكار نماذج أعمال جديدة تعتمد على التكنولوجيا”.
كما تختلف دوافع المؤسسات التي تلجأ إلى عمليات التحوّل الرقمي؛ فقد تشمل: “زيادة الكفاءة عبر تحسين العمليات وتقليل التكاليف، تحسين تجربة العملاء من خلال تقديم خدمات مبتكرة وذات قيمة مضافة، مواكبة التغيرات السوقية للبقاء في المنافسة والتكيف مع المتغيرات، تحقيق التنمية المستدامة عبر استخدام التكنولوجيا لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل النفايات”.
وأما بالنسبة إلى خطوات تنفيذ مشروع التحوّل الرقمي؛ فيمكن تعدادها على الشكل الآتي: “تقويم الوضع الحالي: تحليل العمليات الحالية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، وضع استراتيجية: “تطوير خطة واضحة للتحول الرقمي تتضمن الأهداف والموارد المطلوبة، تدريب الموظفين، تعزيز مهارات العاملين للتكيف مع التقنيات الجديدة، تنفيذ التقنيات، تطبيق الحلول التكنولوجية المناسبة، مراقبة الأداء وتحليله، قياس تأثير التحوّل الرقمي وتعديل الاستراتيجيات بناءً على النتائج”.
كما تشمل تجارب الدول في التحوّل الرقمي تبني تقنيات حديثة لتحسين الخدمات الحكومية والبنية التحتية، على سبيل المثال، بدأ لبنان في تبني الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي 2020-2020 من خلال تحسين الخدمات الحكومية الرقمية والعمل على تطوير البنية التحتية التقنية، قامت بخطوات جادة نحو التحوّل الرقمي من خلال مبادرات وطنية تهدف إلى تحسين الاقتصاد الرقمي والخدمات العامة.
ويتطلب التحوّل الرقمي تعزيز مهارات العمالة لمواكبة المتغيرات التكنولوجية، وتؤدي المناهج التعليمية دوراً حيوياً في إعداد الطلاب لمواكبة هذه المتغيرات، وتشمل المناهج الحديثة تعليم المهارات الرقمية والبرمجة والذكاء الاصطناعي و”الأمن السيبراني”، ما يعزز جاهزية الأجيال القادمة لسوق العمل الرقمي. فالجامعات والمعاهد التقنية ينبغي أن تقدم برامج دراسية تتوافق ومتطلبات العصر الرقمي وتدريب الطلاب على استخدام التقنيات الحديثة بفعالية.
وأما عن فوائد التحول الرقمي فيمكن أن يؤدي إلى فوائد اقتصادية كبيرة؛ مثل زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة الموارد، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم في تحسين جودة الحياة بتوفير خدمات حكومية رقمية تسهّل على المواطنين الوصول إلى المعلومات والخدمات.
كما يعدّ التحوّل الرقمي عاملاً رئيساً في تعزيز الشفافية والحوكمة في الشركات والمؤسسات باستخدام التكنولوجيا الرقمية، حيث يمكن تحسين مستوى الشفافية في العمليات الإدارية والمالية، ما يعزز من ثقة العملاء والمستثمرين، والتحوّل الرقمي هو عملية ضرورية للشركات والمؤسسات في العصر الحديث، ويتطلب تبنيه فهمًا عميقًا للتكنولوجيا والابتكار، بالإضافة إلى التخطيط الجيد وتنفيذ الاستراتيجيات الفعالة، ومن خلال التعليم والتدريب المستمر، يمكن للمؤسسات تحقيق فوائد كبيرة من التحوّل الرقمي وتحسين قدرتها التنافسية. وتتضمن رحلة هذا التحوّل: الابتكار والتدريب المستمر والتكيف مع التطورات التكنولوجية لضمان النجاح والاستدامة في المستقبل.
وفي الختام فإن التحوّل الرقمي يمثل فرصة عظيمة للشركات والمؤسسات لتحسين الأداء والكفاءة، ولكن يتطلّب نجاحه التعامل مع التحديات بفعالية، من خلال التخطيط الجيد وتوفير التدريب والدعم اللازم، يمكن للشركات تحقيق الفوائد الكبيرة من التحوّل الرقمي وضمان استدامتها في السوق المتغيرة.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News