أخبار حلب _ سوريا
مازالت حلب تبهرنا بمعالمها الأثرية يوماً بعد يوم، وإلى اليوم ومع استمرار البحث والجمع، نجد أن في حلب أبواباً وأحياءً كثيرة، مشبعة بالتراث والقدم، وقد ذكرنا أبواباً عدة في حلب تحكي لنا تاريخها القديم، ومع الأبواب المعروفة التي ذكرت، جئنا بأحد أبوابها المميزة الذي يأخذ حيزاً لافتاً جانب قلعة حلب، وهو “باب الأحمر”.
“باب الأحمر” أو حسب ما سمي سابقاً بباب “خندق بالوج” وهو باب من أبواب مدينة حلب القديمة في سوريا، حيث يشتهر “باب الأحمر” بحمامه العام الذي يحتل موقعه مقابل قلعة حلب وتعد المنطقة بأسرها موقع أثري هام شاهد على حقب تاريخية متنوعة ويتوسط زقاق “باب الأحمر” مسجد صغير يعرف باسم “مسجد باب الأحمر”.
وتأتي تسميته نسبة لقرية الحمر وهي قرية في صحراء حلب من شرقها، ويقع بين “باب الحديد” و”باب النيرب“، على التراب الذي أخرج من خندق الروم و بني عليه السور أيام الملك العزيز، وذلك في الجهة الشرقية من “قلعة حلب” وله محور قصير نحو المدينة، وفي المحلة العديد من الأوابد التاريخية والدينية مثل “جامع أوغلبك” و”الزاوية الصيادية” و”سبيل حسبي” و”حمام بالوج” وغيرها، وقد بُني أيام السلطان “عزيز محمد” في القرن الثاني عشر، ورُمم أيام “قانصوه الغوري” في 920/1514م.
وأما عن الأحمر فهو تحريف الحمر وهي قرية في صحراء حلب من شرقها، وهذا الباب لم يبق له أثر بل انهدم الى الأرض والذي هدمه “إبراهيم باشا”، وبنى من حجارته القشلة (وتعني معسكر الجند) في القلعة، ويقع بالقرب منه حالياً حمام الباب الأحمر وأُخذت حجارته إلى الرباط العسكري سنة 1303هـ.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المحلة تعرف في دفاتر الحكومة بمحلة أغلبك أو أوغلبك أي ابن البك و عند الناس بمحلة “باب الأحمر” وأغلبك هو “عثمان بن أحمد ابن أحمد بن أغلبك المقر العالي الأميري الفحري بن الحناب الأميري الشهابي” المشهور بابن أغلبك الحلبي الحنفي وكان من علماء الأمراء وأمراء العلماء، ويقع بين “باب الحديد” و”باب النيرب”، ومن عائلاته: آل الصياد، آل الحلاج، آل قناعه، آل عيسى، آل فتال، آل طرابيشي، آل عيروض، وآل دبابو.
وللباب جامع يعرف بجامع باب الأحمر، وهو الاسم الحديث لجامع أوغلبك نسبة لمنشئه الأمير المملوكي والذي أنشئه عام 885 هـ الموافق 1480م، يقع المسجد في محلة أوغلبك والتي تعرف باسم محلة باب الأحمر، وتعتبر واجهته المزينة بالنقوش الحجرية ومئذنته القصيرة أهم معالمه.
كما أن في الباب الأحمر حمام، يعرف بحمام باب الأحمر وهو حمام عام يقع في مدينة حلب، يقع بالتحديد في حلب القديمة بالقرب من قلعة حلب ويشتهر بقبته التي تعود للعصر العثماني.
وقديماً كان الباب اسمه “باب بالوج” أما اليوم فلم يعد للباب من أثر بل تهدم نهائياً، وأما “بالوج” فهو اسم معمار رومي كان قد عمل في بناء الباب قديماً، ولا يعرف تاريخ بنائه بالضبط ولكنه كأبواب “حلب” الأخرى يعود إلى أكثر من ألف عام، ويقول الأجداد في المنطقة بأنّ المحلة كانت ذات موقع ممتاز مناخياً وعُرف بارتفاعه.
وحسب المصادر فإن الباب لم يكن باباً رئيسياً كالأبواب الأخرى مثل “أنطاكية” و”المقام” و”قنسرين” و”النيرب” بل كان باباً ثانوياً وهامشياً ليس له دور مهم في تاريخ المدينة إلا أنه كان معبراً لسكان البادية والقرى الشرقية للقيام بعمليات البيع والشراء في “حلب”، كما يوجد في المحلة التي يقع بها أحد أبرز الأبنية الأثرية في “حلب” هي “الزاوية الصيادية” التي قام ببنائها “أبو الهدى الصيادي” منذ العام 1878م وانتهى من بنائها في العام 1909م وهي اليوم “مركز الإفتاء” بحلب.
ورغم أن الباب ليس مشهوراً كباقي أبواب حلب الرئيسية، ولم يأخذ حقه بالحديث عنه، إلا أنه أحد أقدم أبواب حلب، وأكثرها ملفتاً لقربه الشديد من القلعة، حيث تم افتتاح مطعم في المنطقة باسمه ويشهد المطعم الكثير من الحفلات، فأصبح بوابة إلى عالم واسع اندمجت فيه عراقة التراث الحلبي مع جمال الحاضر، وما يحتويه من الأكلات الشرقية وتميز الأطباق الشهية، إضافة إلى إطلالة ساحرة من أمام أعظم قلاع التاريخ، وكما وصفوه فباب الأحمر أسطورة خالدة نقشت تفاصيله بعناية ليكون نافذة للزائرين تطل منه أجمل التحف التراثية، وينبض من خلاله شوق المغتربين للنكهة الحلبية الأصيلة.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News