أخبار حلب _ سوريا
قد يصاب البعض بالدهشة عندما يسمعون تعليقات ضحايا الإيذاء والتعذيب، من قبيل: “أدرك أنه كان يؤذيني لكني ما زلت أحبه”، أو “أعرف أنه كان يعذبني لكنه يعاني من مشاكل نفسية، فقد عاش طفولة معذبة”، وهنا يبدأ موضوعنا حول متلازمة ستوكهولم ومن أين جاءت وماذا ممكن أن تسبب أعراض وكيفية معالجتها؟ وكيف تناولها الأدب والسينما؟
ماهي متلازمة ستوكهولم؟
هي استجابة نفسية يبدأ فيها الرهينة أو المخطوف أو الضحية بالتعاطف مع خاطفيه، وكذلك مع أجندتهم ومطالبهم، وتُعرّف متلازمة ستوكهولم بأنها مرض يُلاحظ لدى الأفراد الذين يتعرضون للضغط أو الاختطاف في العديد من البلدان، تعتبر متلازمة ستوكهولم من القضايا المهمة التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، والتي كثيراً ما نسمع عنها في الحياة اليومية ولكن لا يتوفر الكثير من المعلومات عنها. هذه النقطة، والتي تسمى كيف يمكن للشخص أن يعجب بالشخص الذي يقع ضحية له، أصبحت في الواقع جزءًا من نظام الدفاع عن الفرد من الناحية النفسية.
من أين جاء اسم متلازمة ستوكهولم؟
جاء اسم هذه المتلازمة من عملية سطو فاشلة على بنك “سفيرغس كريدت بنك” (Sveriges Kreditbank) في ستوكهولم بالسويد في أغسطس/آب 1973، وقد تم احتجاز 4 موظفين كرهائن في قبو البنك لمدة 6 أيام.
ففي عام 1973، “سطا جان إيريك أولسون” على بنك “كريديت بانكن” (Kreditbanken)، أحد أكبر البنوك في العاصمة السويدية ستوكهولم، واتخذ 4 موظفين بالبنك رهائن، وطلب من الشرطة فدية قيمتها 700 ألف دولار وسيارة وإطلاق سراح صديقه من السجن لمساعدته.
حيث احتجز “أولسون” وصديقه الرهائن لمدة 6 أيام في إحدى الغرف المحصنة بالبنك، والعجيب أن الرهائن بعدما حررتهم الشرطة من أيدي الخاطفين، رفضوا الإدلاء بشهادتهم ضدهما في المحكمة، والأغرب أنهم شرعوا في جمع الأموال للدفاع عنهما.
وذكرت إحدى الرهائن في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السويدي آنذاك “أولوف بالمه”، أنها تثق ثقة تامة في الخاطفين ولكنها تخشى من أن تموت في حال اقتحمت الشرطة المبنى، ولجأت شرطة ستوكهولم إلى الطبيب النفسي “نيلس بيجيروت” الباحث في علم الجريمة، لتحليل رد فعل الرهائن المحير تجاه خاطفيهم. وصاغ بيجيروت مصطلح “متلازمة ستوكهولم” (Stockholm Syndrome) لتفسير فكرة التلاعب بعقول الرهائن أو الضحايا أو بالأحرى “غسل أدمغتهم”.
علماً أن المصطلح لم يحظ بانتشار واسع إلا بعد حادثة اختطاف “باتريشيا هيرست”، حفيدة رجل الأعمال والناشر ويليام راندولف هيرست، على يد جماعة ثورية مسلحة، تطلق على نفسها “جيش التحرير السيمبيوني” (Symbionese Liberation Army) عام 1974.
فبعد أن احتجز أفراد الجماعة “باتريشيا” وطلبوا فدية قدرها ملايين الدولارات للتبرع بالطعام للفقراء، انضمت “باتريشيا” إلى صفوف المختطفين، ولم تكد تمضي أياما حتى شوهدت تحمل سلاحا أثناء عملية سرقة بنك، وتلقي أوامر على رواد البنك وتحمي أعضاء الجماعة.
وظهرت فيما بعد حالات عديدة مشابهة، أبدى خلالها ضحايا التعذيب والرهائن تعاطفا مع الجناة، كان أبرزها حالة إليزابيث سمارت، ففي عام 2002، اختطفت “إليزابيث سمارت” (14 عاما) من منزلها في ولاية يوتاه، وحررتها الشرطة بعد 9 أشهر تعرضت خلالها للإيذاء والاغتصاب.
لكن امتناع سمارت عن الهرب خلال الأشهر التسعة أو طلب المساعدة من الآخرين، أثار الكثير من التساؤلات. فقد كانت تجوب الشوارع وتحضر حفلات، ورفضت في إحدى المرات الكشف عن هويتها الحقيقية للشرطة، والأغرب من ذلك أنها أبدت قلقا على مصير خاطفيها، وعندما علمت أنهما قد يواجهان عقوبة السجن، أجهشت بالبكاء.
وخلال هذه الفترة نشأت رابطة تبدو متناقضة بين الخاطفين والرهائن، وذكرت إحدى الرهائن -خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السويدي أولوف بالمه- أنها تثق تماما بخاطفيها لكنها تخشى أن تموت في اعتداء الشرطة على المبنى، وذلك وفقا للموسوعة البريطانية.
تم إطلاق التسمية من قبل “نيلس بيجرو” عالم الجريمة في ستوكهولم، والذي استخدم المصطلح لشرح رد الفعل غير المتوقع للرهائن، فعلى الرغم من احتجازهم ضد إرادتهم في وضع يهدد حياتهم فإن هؤلاء الأفراد أقاموا علاقات إيجابية مع خاطفيهم حتى أنهم ساعدوهم في دفع أتعاب محاميهم بعد القبض عليهم.
متلازمة ستوكهولم في علم النفس…
يعتقد علماء النفس الذين درسوا المتلازمة أن الرابطة تنشأ في البداية عندما يهدد الخاطف حياة الرهينة ثم يختار عدم قتلها، ويتم تحول ارتياح الرهينة عند انتهاء التهديد بالقتل إلى مشاعر الامتنان تجاه الخاطف لمنحه حياته أو حياتها.
كما أثبتت حادثة السطو على البنك أن الأمر لا يستغرق سوى بضعة أيام حتى يتم ترسيخ هذه العلاقة، مما يثبت أن رغبة الضحية في البقاء على قيد الحياة في وقت مبكر تفوق الرغبة في كره الشخص الذي خلق الموقف.
ما هي أعراض متلازمة ستوكهولم؟
إن أكثر أعراض متلازمة ستوكهولم التي يتم ملاحظتها بشكل متكرر هي أن الضحايا يشعرون بالامتنان للشخص الذي يفعل الخير حتى عندما يرون معروفًا صغيرًا. يلوم الأشخاص المضطهدون أنفسهم على الوضع الذي هم فيه.
أعراض متلازمة ستوكهولم على النحو التالي:
-الشعور الشديد بالامتنان حتى عند رؤية معروف صغير
-رفض قبول العنف والتهديد بالعنف
-التبرير
-الاعتقاد بأن لديهم الكفاءة لمنع سوء المعاملة
-الميل إلى إلقاء اللوم على النفس بسبب الإساءة
-بذل الجهود لإرضاء المعتدي حتى لا يتأثر بالسلوك العنيف
-تقييم العالم من خلال عيون المعتدي متجاهلاً موقفك الخاص
-وضع المسيء كشخص جيد أو رؤيته كضحية
-الشعور بالامتنان للمنتهك لعدم قتله/قتلها
هل يمكن معالجة إدمان متلازمة ستوكهولم؟
علاج متلازمة ستوكهولم هو عملية علاج واسعة النطاق، من المهم للغاية مساعدة الأشخاص الذين تعرضوا للإيذاء، حيث يتوصلون إلى فهم مشاعر المعتدين عليهم ومن ثم محاولة مساعدتهم والتماهي معهم في نهاية المطاف.
تتمثل الخطوة الأولى في عملية العلاج في محاولة التخفيف من آثار الصدمة التي تعرض لها الضحية، ولذلك يمكن استخدام العلاج السلوكي المعرفي والاستشارات أو الدعم النفسي لاضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى طرق العلاج التي تهدف إلى حل مشاكل مثل القلق والاكتئاب، وبهذه الطريقة، يمكن للأشخاص تطوير آليات تكيف صحية وتعلم كيفية الاستجابة.
وختاماً…. قد يتعرض الشخص لسوء المعاملة والتهديد الشديد من قبل الخاطف أو المعتدي، لكنه يعتمد عليهما أيضا للبقاء على قيد الحياة، فإذا كان المعتدي لطيفا فقد يتمسك بهذا كوسيلة من أجل البقاء.
تابعنا عبر منصاتنا :