أكثر من 70 عاماً يحاول هذا القنفذ الغريب أن يتجاهل الجميع أشواكه ويحتضنونه بكل حب، وبنفس التراجيديا المزيفة ينزف دموع التماسيح في كل مرة منذ بداية وجوده إلى اقتراب نهايته على مبدأ (تمسكن لتتمكن).
وبعد تعاطف العالم مع كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا وما خلفه من نكبة شعبية كبرى في دولة كسوريا بالكاد تنفست من بارود الحرب، وجد القنفذ الغريب فرصته مجدداً لينسى العالم أشواكه وماضيه وصبغة كراهية الآخر التي يستحم بها كل يوم ليزداد بها قبحاً.
ولكن الدولة الثكلى لم ولن تنسى هكذا أجابته سوريا على لسان وزير خارجيتها فيصل المقداد: “نحن لا نعتبر إسرائيل دولة حتى نطلب المساعدة منها”، إيماناً منها أن الإنسانية لا تتجزأ، فمن يهدم منازل الفلسطينيين فوق رؤوس أصحابها في غزة ونابلس وجنين لا يمكن أن تأمنه على إعمار بيوت السوريين.
وبعدما استطاع الكيان الغريب أن يرسل إلى تركيا المغفلة 15 طائرة ما يسمى بـ “المساعدات” رغماً عن الشعب الرافض لتقبله وما يمكن أن تقوم به هذه الطائرات من مساعدة استخباراتية وأمنية قد تقدمها هدية لأمريكا الممتعضة من سلوك تركيا هذه الفترة، ظهر القنفذ الإسرائيلي بوجهه الحقيقي القبيح في سوريا بعد أن وجدها متفطنة لمكائده.
استنفر القنفذ الغريب مختلف أشواكه ليرسل “مساعداته” التي يتبجح بها إلى البلد المنكوبة، وبدأت الأحداث الأليمة تتوالى على الجريحة سوريا:
أولاً: استشهاد 53 شخصاً بينهم 7 عناصر من الشرطة، و 46 مدنياً، في منطقة السخنة بريف تدمر الشرقي، إثر هجومين منفصلين لعناصر من تنظيم داعش على مدنيين يجمعون “الكمأة” وعلى مفرزة الطرق العامة في المنطقة.
ثانياً: نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصورايخ من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفاً بعض النقاط في مدينة دمشق ومحيطها من ضمنها أحياء سكنية مأهولة بالمدنيين، ما أدى إلى ارتقاء خمسة شهداء بينهم عسكري وإصابة 15 مدنياً بجروح بينهم حالات حرجة وتدمير عدد من منارل المدنيين وأضرار مادية في عدد من الأحياء في دمشق ومحيطها.
ثالثاً: إصابة 4 عناصر من الجيش السوري باستهداف سيارة عسكرية بعبوة ناسفة زرعها مجهولون على الطريق الزراعي شرق بلدة خبب في ريف درعا الشمالي.
ومن بين الشهداء الشابة الصيدلانية “ليليان عودة”، والدكتور “آصف المحمود” طبيب القلبية والأمراض الداخلية، فما الذي تريده إسرائيل من هؤلاء؟!
وما الذي تريده إسرائيل من ابتزاز سوريا بهذه الاعتداءات؟!، هل يشكل عليها أي خطر شعب مازال يلملم جراحاته، وينام على صوت أبناؤه من تحت الأنقاض؟!
نعم ففي وقت يعيش فيه الكيان الإسرائيلي أزمة داخلية حادة، وفي ليلة تنفيذ الاعتداء كان في شوارع الأراضي المحتلة أكثر من 250 ألف مستوطن غاضب من حكومة نتنياهو، فإن مجرد الثبات على موقف رفض الاعتراف به يشكل خطراً عليه بليغاً لأنه في وقت هو بأمس الحاجة لإثبات وجوده خصوصاً بعد الحديث عن لعنة ال 80 عاماً في الأوساط الإسرائيلية واقتراب موعد الزوال بحديث جاد أطلقه “اولمرت” وسرد به الكثير من المحللين والمراقبين الإسرائيليين.
وربما يريد الإسرائيلي أن يذهب إلى مخرج الحرب ليوحد الأطراف الممزقة في الداخل ولكنه لا يريد أن يبدأها هو لكي لا ينال سخط الأمريكي والمجتمع الدولي الغارق في محاربة روسيا في أوكرانيا.