لا تتوقف المحطات التلفزيونية عن تقديم رسائلها الناعمة لأدلجة المجتمعات العربية، سواءً بنوعية برامجها أو بطريقة عرض إعلاناتها، أو حتى بالمسلسلات التي تبثها؛ بغض النظر عن هدف الرسائل الساعية لها؛ إيجاباً كان أم سلباً.
والمثير للاهتمام أنّ المحطات التلفزيونية لم تعد تعتمد في بثّها على التلفاز فقط، فقد استباحت مواقع التواصل الاجتماعي كل ساعة من أوقات المتابعين، ولو كان بلقطات منفردة، وإن دلّ هذا على شيء فيدلّ على وصولها لأكبر عدد ممكن من الأفراد، وبمختلف الأعمار.
وفي هذا السياق؛ نرى إحدى القنوات التلفزيونية المعروفة بشكل جغرافي واسع ال(MBC)، وفي قمة المتابعة للبرامج وانتظارها؛ تبث ما يحلو لها.
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، بدأت إعلاناتها عن المسلسلات والبرامج الرمضانية، والأغاني التي أصبحت جزءاً من فولوكلور مستحدَث لهذا الشهر، ويجذب الناس بشكل كبير.
إنّ المشكلة الأساسية ليست في إظهار الفرح والبشرى، بل المشكلة بطريقة البث بحد ذاتها، وبأبسط ما تعرضه القناة، وفي تشويهٍ واضح للرموز الدينية؛ تُظهر الفواصل الرمضانية الصغيرة، بأغاني رمضانية مبهجة، ورسومات كرتونية تشد الصغار قبل الكبار؛ وبالمقابل تُظهر أشياء أخرى لا علاقة لها بالدين والإسلام والفطرة ولا بشكل من الأشكال.
ففي إحدى الفواصل ومدتها حوالي دقيقة لا أكثر؛ تبدأ بموسيقا مميزة معروفة ألا وهي موسيقا السندباد، وتنتقل بعدها إلى صور سفينة السندباد ويعتليها الشخصيات الكرتونية مبشرةً بهلال رمضان، شخصية محببة للجميع، وحتماً ستشد المتلقي.
وإلى هنا لا تأثير سلبي على الطفل المندمج مع هذه الأغنية، إلى أن تنزل الشخصيات الكرتونية عن السفينة بمنطقة شبه صحراوية، والموسيقا والأغنية تزداد إبهاجاً، حتى تأتي اللحظة العظمى في الإتلاف البصري والفكري؛ والديني أكثر، عندما تترافق الكلمات مع فتح الباب الكبير لصورة كائن بعين واحدة، لا يشبه أي كائن على الأرض، وبحجم كبير، والمثير للاستغراب أنّ الكلمات المرافقة هي “والله يرانا ويسمعنا”!.
من يشاهد ويسمع الأغنية قد لا يلتفت بالأساس إلى هذا التفصيل وهو الأهم، لكن ماذا عن طفل يتعلق بذهنه كل تفصيل يراه أمامه؟ وعن طفل يطرح تساؤلات بينه وبين نفسه؟
ما الرسالة التي ستصل لطفل نتعمّد جميعاً عند تعليمه أن نرفق الكلمات بصور كي تتعلق الأفكار بذهنه؟
لماذا كائن ضخم بعين واحدة ما يخالف التكوين الأساسي للبشر؟ ولماذا بأغنية تتعلق برمز ديني إسلامي؟ لماذا رسوم كرتونية موجهة للأطفال؟
بقلم: دانيا الغباش