الأسود لون يرمز للتخفي والستر، يدس تحت ظلامه كل ما لزم الابتعاد به عن مراقبة العيون.
من هنا تأتي تسمية السوق السوداء والتي تسمى بالمفاهيم الاقتصادية (الاقتصاد التحتي)
ماهي السوق السوداء؟
وتعرّف السوق السوداء بكونها سوق خارج الإطار الرسمي للدولة، يتم فيها تبادل السلع والخدمات والعلاقات التجارية بين البائع والمشتري بدون معرفة الحكومة وذلك هرباً من القيود الضريبية أو التقيد بالتسعيرات التي تحددها الدولة.
والسوق السوداء هي سوق منتشرة في جميع أنحاء العالم، ونشأت منذ الحرب العالمية الثانية.
من المستفيد من السوق السوداء؟
تحقق السوق السوداء عائدات وأرباح ضخمة لصالح التجار، وتشكل خطراً على الاقتصاد الوطني إذا اتسعت رقعتها في الدولة وشكلت اقتصاداً موازياً للاقتصاد الرسمي وتسمى في تلك الحالة (اقتصاد الظل).
وأسعار السوق السوداء تكون أعلى من أسعار السوق الرسمية في حال كان الطلب على السلعة أو الخدمة مرتفع كما يحصل اليوم في سورية.
السوق السوداء في سورية العملاق الأكبر بعد الحرب
اقتصرت سطوة السوق السوداء في سورية قبل الحرب على كماليات الحياة كمساحة أي سوق سوداء أخرى في أي دولة من العالم
وكان الاحتياج لعمليات الشراء من السوق السوداء يقتصر على المنتجات الممنوعة أو لسرعة الحصول على منتج أو دواء معين أو لانخفاض سعر السلع في السوق السوداء مقارنة بأسواق الدولة أو للحصول على كميات غير محدودة لا يمكن الحصول عليها ضمن مؤسسات الدولة.
أما بعد الحرب على سورية وكأي حرب تجتاح بلد معين فتفرز مخلفات تمتد تأثيراتها على كل مجالات الحياة في البلد فقد امتدت أيادي عرابي السوق السوداء لتقطع عن فم المواطن كل ضروريات الحياة اليومية ومقومات عيشه من الخبز إلى المشتقات النفطية والغاز وحليب الأطفال وكل متطلبات المواطنين الأخرى.
أسباب تضخم حجم السوق السوداء بعد الحرب
تعود أسباب تفاقم أذرع السوق السوداء بعد الحرب في سورية إلى تشتت جهود الدولة بين مواجهة الحرب الخارجية والحفاظ على بنية الدولة وإعادة إعمار البنى التحتية ومراكز خدمات المواطنين الأساسية ومحاربة الفساد وتحديث الأنظمة والقوانين لتتماشى مع ما أفرزته الحرب من تحايلات واستطالات والتفافات على القوانين الرادعة للعبث بقوت المواطن وتماسك هيكلية أنظمة المؤسسات في الدولة.
كيف يمكن الحد من عبثية السوق السوداء في سورية؟
كثيراً ما يتحدث المواطنون في سورية عن جدلية شح المازوت في المراكز الحكومية ، وتدفقه بكثرة في السوق السوداء
لماذا أقف على طابور الفرن لأحصل على عدد ربطات محددة من الخبز من أجل ضمان عدالة التوزيع وتقنينه؟
بينما يباع الخبز بكميات كبيرة على بسطات السوق السوداء رغم آلية البطاقة الذكية التي وجدت لمنع تسريب المواد الأولية إلى السوق السوداء وارتفاع أسعارها بشكل جنوني بسبب الاحتكار والاستغلال.
والسؤال الذي يطرح نفسه دائماً كيف يخرج المازوت الحكومي إلى السوق السوداء وبأي مزاريب متخفية يتسرب لجيوب تجار الحرب ؟!
وانطلاقاً من هذا السؤال يجب ضبط عمل الكازيات بآلية الجهاز الرقمي الدقيق، ومراقبة مراكز الحكومة لاجتثاث جذور الفساد الذي يعبث بأمن البلد الاقتصادي والاجتماعي معاً.
وبشكل عام فإن أتمتت العمل في المراكز الخدمية كافةً وبشكل دقيق ومراقب هو من ضمن الحلول المهمة للحد من سطوة السوق السوداء في سورية.
وقد بدأت الحكومة السورية تعي هذا الحل وتترجمه إجراءات على الواقع كإطلاق العمل بتقنية”GPS” لضبط سرافيس باللاذقية، للحد من أزمة المواصلات التي تضرب عجلات الحياة في سورية بشدة.
إن الفئة القليلة ذات السطوة والمال التي تتحكم بحياة المواطنين في سورية تحتاج لتظافر جهود كل من المواطنين والدولة والنخب وتشجيع الحالات الإبداعية وقبول آراء المتخصصين ودراستها لأن الحل يبدأ من اتخاذ قرار الحل بشكل جماعي دون تنصل كل طرف من مسؤوليته ورميها على عاتق الطرف الآخر.