لعل الوصف الأصدق الذي يمكن إطلاقه على اللقاء الثنائي الذي جمع اليوم الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق “بقمة المنتصرين”.
فإيران وسوريا انتصرتا في الحرب وستنتصران في مرحلة البناء وإعادة الأعمار وسوف تأكدان لدول المنطقة وخاصة تلك التي تورطت بالمؤامرة الصهيوأمريكية التي كانت تضع أسابيع وفي بعض الأحيان شهوراً كحد أقصى لإسقاط الحكومة السورية، أنها خُدعت بعد أن أنفقت مئات المليارات من الدولارت وبعد تجنيدها لمئات الآلاف من التفكيريين والإرهابيين، وشحنهم إلى سوريا.
وما عليها اليوم إلا أن تعيد النظر في مواقفها، بعد أن أثبت الشعب السوري صموده والتفافه حول جيشه وقيادته وبالتعاون مع حلفائه وعلى رأسهم إيران وحزب الله ومحور المقاومة أن المؤامرة الأمريكية “الإسرائيلية” لتقسيم سوريا وشرذمة شعبهاماتت وأن العالم لم يعد بحاجة لتعلن أمريكا عن موت مؤامرتها رسمياً.
فيما فشل أيضاً الشق العسكري من المؤامرة الأمريكية “الإسرائيلية” فشلاً ذريعاً وهو ما دفع هذا الثنائي المشؤوم أن يفتح حساباً كبيراً على الشق الاقتصادي، ومحاولة محاصرة وتجويع الشعب السوري، لحقيق أهداف المؤامرة التي عجز الشق العسكري عن تحقيقها.
وهذا ما يفسر تواجد القوات الأمريكية الإرهابية المحتلة، في المناطق السورية الغنية بالنفط و الأراضي الزراعية الخصبة وكذلك فرض قوانين أمريكية، على العالم بالقوة كقانون قيصر، للضغط على الشعب لسوري.
وزيارة رئيسي على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى إلى دمشق والتي تعتبر الأولى لرئيس إيراني إلى سوريا بعد 13 عاماً قد جاءت لتؤكد أن أمريكا لا يمكنها الضغط على سوريا وإيران اقتصادياً وأن طهران لن تترك دمشق تواجه مصاعب اقتصادية، وستنتصر لها، كما انتصرت لها عسكرياً.
فإبراهيم رئيسي ذهب إلى دمشق ليناقش سبل تعزيز وتقوية وتوسيع التعاون الإقتصادي مع كبار المسؤولين السوريين، بالدرجة الاولى، وتأكيداً إضافياً على هذا التوجه الإيراني على مساعدة سوريا.
كما سيحضر رئيسي اجتماعاً مشتركاً بين رجال الأعمال الإيرانيين والسوريين، فإيران تمتلك كوادر فنية وشركات ذات كفاءة عالية، قادرة على أن تؤدي دوراً مهماً في إعادة إعمار سوريا.
واللافت أن صمود محور المقاومة وخاصة إيران وسوريا، ساهما في تغيير رؤية دول المنطقة إلى طهران ودمشق.
حيث قررت أغلب هذه الدول التي كانت تقف ضد سوريا استئناف العلاقات معها وكذلك مع إيران، في اعتراف واضح وصريح بعدم فاعلية سياسة الضغوط الاقتصادية التي تمارسها أمريكا ضد سوريا وشقيقتها إيران.
ومن الواضح أن الدول الإقليمية، باتت تتلمس عجز واشنطن عن تنفيذ مخططاتها الأمر ذي خلق فرصة جيدة في المنطقة، لتتدارك دولها مصالحها ومصالح شعوبها بعيداً عن التأثيرات السلبية للسياسة الأمريكية، القائمة حصراً على مراعاة مصلحة كيان الاحتلال الإسرائيلي.
بالإضافة إلى ما سبق فإن ظهور قوى جديدة على الساحة الدولية مثل روسيا والصين، أضعف الدور الأمريكي المخرب في المنطقة.
الأمر الذي ساهم بدوره في دفع دول مثل السعودية والإمارات والبحرين وتركيا ومصر وغيرها إلى تغيير سياستها واتخاذ نهج إيجابي تجاه سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن ما يجري في المنطقة اليوم يجري على خلاف ما تشتهي واشنطن دون أن تملك الأخيرة القدرة على وقف هذا الجريان.
فهناك اندفاعة قوية بين دولها للانفتاح على بعضها البعض خاصة التقارب الإيراني السعودي، الذي ساهم في حلحلة العديد من الأزمات التي اختلقتها الولايات المتحدة الأمريكية لدول المنطقة وشعوبها والتي تسببت على مدى عقد من الزمن في إزهاق أرواح مئات الآلاف من الأبرياء، وإنفاق مئات المليارات من الدولارات، وإهدار ثروات وفرص لا تعوض.
لذلك ومما تقدم فإن اندفاعة الدول في الإقليم للتقارب والانفتاح على بعضها لن تترك لأمريكا من خيار إلا تقليص تواجدها غير الشرعي في المنطقة أو الرحيل عنها كلياً وإن مثل هذا اليوم ليس ببعيد.