بعد 43 يوماً من العدوان الهمجي على قطاع غزة المحاصر ، يتساءل متابعون ما الذي حلّ بعملية “السيوف الحديدية” التي أعلن عنها جيش الاحتلال بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية لعملية طوفان الأقصى ، وعمّا أسفرت هذه العملية من نتائج عسكرية وعلى صعيد تحرير الأسرى المستوطنين لدى المقاومة الفلسطينية ، وكيف سقطت كل فرضيات الاحتلال التي بنى آماله عليها كأحجار الدومينو .
نتياهو يغامر بأسراه مقابل منصبه :
نتنياهو الذي عوّل كثيراً على قدراته في تحقيق انتصار في غزة وخطط لتحرير أسراه دون تقديم تنازلات أو إجراء عملية تبادل تحول إلى مهزلة عالمية وازدادت معارضة المستوطنين لبقائه في الحكومة الصهيونية وخصوصاً بعد فضيحة اقتحام مشفى الشفاء .
وبالعودة إلى الأيام الأولى لعملية طوفان الأقصى كان موضوع تبادل الأسرى مدرجاً على جدول أعمال الصهاينة وتم تحديد أبعاده في الأسبوع الثالث وهو تحديداً الأسبوع الذي كان من المفترض أن تتم فيه عملية التبادل ، لكن قيام جيش الاحتلال بعملية الاجتياح البري لغزة حال دون ذلك وقرار العملية يعود في الحقيقة لرفض نتنياهو لعملية التبادل مستنداً في قراره هذا إلى معلومات استخباراتية خاطئة ، حيث حاول نتنياهو المفلس عسكرياً وسياسياً ودوبلوماسياً إطلاق سراح أسراه دون الحاجة لدفع فواتير أكثر للمقاومة الفلسطينية والظهور بمظهر المنتصر .
أمريكا والكيان ، فشلٌ استخباراتي مزدوج :
اعتقد الكيان الصهيوني أنه من خلال شن اجتياح بري عنيف على قطاع غزة عن طريق تطويق شمال غزة سيمنع المقاومة الفلسطينية من نقل الأسرى إلى جنوب القطاع لكن فشلاً عسكرياً ذريعاً كان نتيجة هذا الاعتقاد الخاطئ .
وفيما بعد خلصت أجهزة الاستخبارات والأمن الصهيونية إلى معلومات تفيد بوجود عدد من الأسرى الجرحى في مستشفيات القطاع وذلك بعد ورود أنباء عن قيام المقاومة الفلسطينية بمعالجة أسرى الصهاينة في المستشفيات ، كما افترضوا وجود شبكة أنفاق تحوي مقرات للمقاومة الفلسطينية أسفل المستشفيات ، وبالنسبة للمفلس نتنياهو فإن تحرير ولو 5 من الأسرى الصهاينة سيكون كفيلاً بحفظ ما تبقى من ماء وجهه أمام الإعلام والأنظمة الغربية من جهة وأمام شعبه من جهة أخرى ، وعند انتهاء المهلة الأمريكية للصهاينة لتحقيق إنجاز عسكري أعطت الولايات المتحدة ضوءاً أخضر لارتكاب المزيد من الجرائم ، حيث وفّر وزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” من خلال لقاءاته مع المسؤولين الإقليميين معلومات تشير لتوثيق أمريكي أكيد بوجود غرفة عمليات للمقاومة الفلسطينية أسفل مشفى الشفاء وبذلك فإن نافذة تبادل الأسرى ستغلق في حال اقتحام المشفى لكن الصهاينة لم يكونوا مدركين أن فخاً كبيراً كان بانتظارهم.
وقوع الكيان الصهيوني في ورطة !
إصرار الصهاينة على وجود مقرات للمقاومة أسفل مشفى الشفاء دفعهم لارتكاب حماقة اقتحام المشفى الذي كانت المقاومة الفلسطينية تحرص على حمايته وبقاءه آمناً لمعالجة الجرحى والمرضى ولكن بعد الصدمة التي تعرض لها الكيان بعدم وجود أي مقر للمقاومة أو أي أسير صهيوني داخل المشفى ، حاول الاحتلال تزييف فيديو يظهر وجود أسلحة للمقاومة داخل المشفى لكن كل ما لدى الصهاينة من غباء ظهر في الفيديو المفبرك وأصبح نتنياهو محط سخرية وسائل الإعلام العبرية أولاً والعالمية ثانياً وسقطت جميع وعوده لعائلات الأسرى الصهاينة بعودة أسراهم ، و في الحقيقة فإن خسارة الولايات المتحدة لهذا التحدي يفوق خسارة الكيان الصهيوني.
ختاماً :
بعد إمعان الاحتلال في ارتكابه للجرائم بحق المدنيين في غزة وفضيحة مجزرة مشفى المعمداني والشفاء وباقي مشافي القطاع والتي تنص القوانين الدولية على حمايتها من أي خطر أو اعتداء ، أصبح من الصعب على الكيان عقد صفقة تبادل مع المقاومة كما أن الوقت لم يعد لصالحه وخاصة مع توسع الجبهات المفتوحة فضلاً عن التبدل في الرأي العام العالمي ، فهل يرتدع الكيان عن جرائمه ويوقف الاستنزاف العسكري والاقتصادي لحكومته والذي بات يؤرق جبهته الداخلية ويقلق قادته؟؟