لا يمكن أن يمر اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني دون أن تكون سوريا حاضرة في وجدان كل مقاوم ، فكل شيء في سوريا كان وما يزال يبدأ من فلسطين وينتهي عندها ، الشعب السوري الذي فرقته الحرب الكونية إلى شرائح متباينة في المواقف لا زال يجمعه موقف واحدٌ راسخ لا يمكن أن يتغير مهما تغيرت الظروف ألا وهو دعم القضية الفلسطينية ولعل هذا الموقف كان السبب الرئيس في الحرب على سوريا فلطالما اُختبرت القيادة السورية على مدى عقود بالنار والدماء والحصار للتخلي عن موقفها التاريخي والمبدئي من القضية الفلسطينية ولعل أشهرها العرض الشهير لوزير الخارجية الأمريكي السابق “كولين باول” الذي قدمه للرئيس “بشار الأسد” بتحويل سوريا إلى أهم دولة في المنطقة مقابل التخلي عن دعم فصائل المقاومة الفلسطينية وكل مقاومة تقف في وجه الكيان الصهيوني وإطلاق السلام مع الكيان ليكون موقف سوريا الثابت والمبدئي والقاضي بوضع سوريا لكل إمكانياتها بتصرف الشعب الفلسطيني في نضاله التحرري كالصفعة على وجه كل عدو لحرية الشعب الفلسطيني .
فلسطين هي القضية الأساسية والبوصلة لا تحيد عنها :
ولعل كلمة الرئيس “الأسد” في القمة العربية والإسلامية الطارئة التي أقيمت على إثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والتي نبه فيها إلى أهمية النظر إلى الصراع مع الكيان من منطلق استراتيجي حيث أن العدوان الإسرائيلي لا يتعلق بقطاع غزة فقط بل يتعلق بالقضية الفلسطينية أساساً والتي هي قضية أرض مغتصبة وشعب محتل أيقظت الذين غفلوا أو ربما تناسوا القضية الفلسطينية المحقة .
كما أشار الرئيس “الأسد” إلى أن السلام مع الكيان لم يسترجع حقاً من حقوق الفلسطينيين ولم يستعد لهم أرضاً وبالتالي فإن اتفاقيات السلام والتطبيع لا تستطيع أن تصمد أمام إرادة الشعب الفلسطيني في العدالة والحرية وتحرير الأرض والإنسان .
سوريا التي ارتدت ثوب الحداد على شهداء الكلية الحربية في السادس من شهر أوكتوبر الماضي كفكفت دموعها في اليوم التالي مع إعلان فصائل المقاومة الفلسطينية لعملية طوفان الأقصى وأعلنت تضامنها بكل أشكال التضامن مع كل مقاومة تقف في وجه العدوان الإسرائيلي .
وسوريا التي تعتبر خيار دعم المقاومات بالسلاح خياراً استراتيجياً تعرف جيداً ماذا يعني أن تفتح المقاومات الجبهات ابتداءاً من أراضيها أو أن تقصف المقاومة العراقية قواعد الاحتلال الأمريكي في شمال شرقي سوريا في الحسكة ودير الزور .
وما اعتداءات الكيان المحتل على المطارات السورية إلا انتقام من هذا الخيار فأخبار ضرب المطارات السورية ليست مجرد رقم تاريخي متسلسل هو ثمنٌ باهظ تدفعه القيادة السورية وتتحمل نتائجه .
76 عاماً مرت والشعب الفلسطيني مازال يقاوم:
بينما نحيي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يصحو في الوقت ذاته الجرحُ الغائر في تاريخ أمتنا العربية بيومٍ يحمل نفس تاريخ التضامن وهو قرار تقسيم فلسطين المتجذر عميقاً في ذاكرة الشعب العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً والذي أقرته الامم المتحدة معترفة بذلك للكيان بجزء من الأراضي الفلسطينية التي احتلوها .
76 عاماً مرت ومازال الشعب الفلسطيني يناشد ضمائر العالم أجمع ويخاطب المنظمات الدولية والإنسانية من أجل نيل حقوقه المشروعة جراء الاحتلال الصهيوني الغاشم .
من دمشق إلى القدس : أشكو العروبة أم أشكو لكِ العربا؟
واليوم يتزامن اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني مع العدوان الهمجي على قطاع غزة فهل ستمرُ هذه المناسبة مرور الكرام على الدول العربية الصامتة المتفرجة على الدماء الفلسطينية أم أن شيئاً من النخوة العربية سيحركها؟ ويتسائل متابعون ماذا لو حذت الدول العربية حذو سوريا في دعم القضية الفلسطينية وماذا لو أصروا على على ضرورة زوال هذا الكيان المزيف كيف ستبدو الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني الذي لم يعش ليلاً هادئاً منذ أكثر من 75 عاماً ؟
يليقُ بهذا الشعب المكافح العيش بكرامة وعزة ويليق بأطفاله أن يعيشوا طفولتهم كسائر اطفال العالم وأي فرح وأمل سيعم قلوبهم إن تحررت الأرض وتحرر الإنسان.