في التاسع من أغسطس 2022 أصدرت الجمعية الصينية لدراسات حقوق الإنسان تقريراً بعنوان ((الولايات المتحدة الأمريكية تنتهك حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وخارجه بشكل خطير)) وكان لهذا التقرير صدى كبير خارج الصين وخاصة في الدول المتضررة من الجرائم الأمريكية ومن بينها سوريا و العراق وأفغانستان .
3 جرائم أمريكية خطيرة ضد حقوق الإنسان :
كشف هذا التقرير بشكل منهجي ثلاث جرائم أمريكية خطيرة ضد حقوق الإنسان في الشرق الأوسط والمناطق المجاورة، رغم أن الولايات المتحدة تتفاخر بأنها “حامية حقوق الإنسان”، وهي:
أولاً:
انتهاك الحق في الوجود والحياة عن طريق شن الحرب حسب إرادتها:
تتحمل أمريكا المسؤولية عن الحروب والنزاعات في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وغيرها من الدول في الشرق الأوسط والمناطق المجاورة.
ثانياً:
انتهاك الحق في التنمية والصحة عن طريق تعديل طريق التنمية بشكل إجباري وفرض عقوبات أحادية الجانب:
لقد حرضت أمريكا على “الثورات الملونة” في العديد من البلدان، وشاركت في تخريب الأنظمة، وفرضت عقوبات اقتصادية عشوائية، مما تسبب في تدهور اقتصادي وزيادة صعوبات المعيشة للشعوب في البلدان المعنية.
ثالثا:
خلق “صراع الحضارات” وانتهاك الحريات الدينية:
أمريكا هي التي اختلقت ونشرت نظرية “صراع الحضارات” و”الإسلاموفوبيا”، كما أنها تعذب السجناء المسلمين تعذيباً وحشياً وتشوه الحضارة الإسلامية.
السياسة الأمريكية المدمرة للشعوب:
تعد الولايات المتحدة الدولة الأكثر تدخلاً والأكثر تدميراً لأطول فترة في شؤون الشرق الأوسط، والأخطر انتهاكاً لحقوق الإنسان في المنطقة بعد الحرب الباردة ،وجرائمها في انتهاك حقوق الإنسان تأتي بأضرار دائمة وخسائر لا تعوض لدول وشعوب المنطقة.
كما شنت أمريكا حروباً عديدة، بما فيها حرب أفغانستان وحرب العراق وحرب ليبيا وحرب سوريا، وقامت من خلالها بالتدخل في السياسات الداخلية وتخريب الأنظمة في تلك الدول، الأمر الذي يؤدي إلى الإضرار بسياسات ومجتمعات هذه الدول، بجانب تدمير التماسك والوحدة الوطنية لها، والأسوأ من ذلك أن الولايات المتحدة تنهب ثروات هذه الدول وتعيق إعادة تعميرها.
ففي سوريا، احتلت الولايات المتحدة الموارد النفطية في شمال شرقي سوريا بحجة حماية حقول النفط والتصدي للأعمال الإرهابية، وحسب التغطيات الكثيرة من وسائل الإعلام، فإن الولايات المتحدة تنهب 66 ألف برميل نفط كل يوم من سوريا بجانب ذلك، تسيطر على منطقة إنتاج الحبوب في شمال شرقي سوريا، وهي شريان الحياة الاقتصادية لسوريا، مما يهدد أمن الغذاء السوري بشكل مباشر كما أن الأزمة الإنسانية الحالية في سوريا ترتبط ارتباطاً مباشراً بنهب الولايات المتحدة للموارد السورية إضافة لتنفيذها هجمات عشوائية مرات عدة، وقتلت مدنيين أبرياء بشكل عشوائي.
لذلك، فإن الولايات المتحدة لا تهدد سيادة ووحدة أراضي دول الشرق الأوسط فحسب، وإنما أيضا تهدد حقوق هذه الدول في السلام والتنمية.
وهناك جانب لا يمكن إهماله، وهو أن الولايات المتحدة تفتعل صراع الحضارات، وتنشر نظرية التهديد الإسلامي، وهذا ينتهك الكرامة والحقوق الثقافية للمجتمعات المسلمة في أنحاء العالم كما أنها اختلقت ما يسمى بـ”الإسلاموفوبيا”، وهو ما يعادي الحضارة الإسلامية ويضر بشكل خطير بالصورة الدولية والكرامة الوطنية للدول الإسلامية.
كما أن لحرق الجنود الأمريكيون القرآن الكريم عدة مرات خلال احتلالهم أفغانستان مما أثار غضب المسلمين بشدة، كما خرب الجيش الأمريكي الآثار التاريخية الثقافية للدول القديمة في الشرق الأوسط، ووفقا لأنباء الوسائل الإعلامية بعد غزو العراق نهب الجيش الأمريكي 170 ألف قطعة أثرية ثقافية وكتباً قديمة في المتاحف العراقية، مما تسبب في كارثة ثقافية ضخمة.
المعيار الأمريكي المزدوج:
من أجل ضمان هيمنتها، تتخذ الولايات المتحدة معياراً مزدوجاً تجاه مشكلة الإرهاب على أساس مصالحها الوطنية فقط ولا تنظر إلى مصالح الدول والمناطق الأخرى، وتقسم معسكرات مكافحة الإرهاب حسب الأيديولوجيا وعقلية الحرب الباردة، وتلعب بالمعايير المزدوجة المتمثلة في “استخدام ما هو متفق عليه، والتخلي عنه إذا لم يكن كذلك”.
حيث شنت الولايات المتحدة الأمريكية حربين، تحت ذريعة ما يسمى بـ”عملية مكافحة الإرهاب”، ضد أفغانستان والعراق في عام 2001 وعام 2003 على التوالي، وأثرت على سيادة الدولتين بشدة، لم يتم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق، فأصبحت محط سخرية وانتقاد الرأي العام العالمي.
وبجانب ذلك، أصبحت “عملية مكافحة الإرهاب” الأمريكية مصدر فوضى سياسية ونزاعات داخلية لكلا البلدين، وتحدث حروباً داخلية متكررة بدلاً من الاستقرار، رغم مرور وقت طويل.
سجل أمريكا السيء في مجال حقوق الإنسان:
اعترف مجلس الشيوخ الأمريكي في عام 2014 بأن المسؤولين الأمريكيين يسمحون ويشجعون على استخدام التعذيب وسجن غوانتانامو هو مثل حي على ذلك .
كما أن العنصرية متأصلة وراسخة في الولايات المتحدة حيث إن كلا من تجارة العبيد وقتل الهنود تاريخ أمريكي إجرامي لا يمكن إنكاره حتى اليوم، وما زال المجتمع الأمريكي يعج بالعنصرية.
منذ سبعينات هذا القرن، تربط الولايات المتحدة حقوق الإنسان بالدعم الخارجي والتعاون الاقتصادي والتعاون التكنولوجي، فإذا كانت الدولة أو المنطقة لا تخضع لسلسلة من الشروط المرفقة، فلا تستطيع الحصول على المساعدات الأمريكية حيث أن حقوق الإنسان هي حجة الولايات المتحدة الأمريكية والتي بنتها على أساس التفوق العنصري لتنفيذ سياساتها الخارجية الخاصة.
الجدير ذكره أن حكومات وشعوب دول الشرق الأوسط أدانوا انتهاك الحكومة الأمريكية لحقوق الإنسان مراراً وتكراراً، ولكن للآسف، لم يتم التحقيق في هذه الأفعال التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل صحيح أو مساءلتها حتى الآن.
ختاماً …
في مواجهة الهيمنة الأمريكية من الصعب تحقيق العدالة العالمية، وهذه أكبر مأساة لسيادة حكم القانون الدولي اليوم ويبقى الأمل في إيقاظ العدالة الدولية وحض المجتمع الدولي إلى احترام سيادة وحقوق الإنسان في دول الشرق الأوسط، وإلى احترام اختيارات دول الشرق الأوسط في التنمية السلمية.