بعد مائة يوم ونيف من الحرب الظالمة على قطاع غزة وتعنت العدو بخلق ولو جزء صغير من نصر موهوم، كيف لنا أن نقرأ المشهد بطريقة بسيطة و واضحة وموضوعية وترى ما وراء الحرب حتى ننهي هاجس الحرب المتأرجح بين البقاء والاستمرار؟
لكن لكي تصبح الأمور أكثر وضوحاً ولفهم المشهد العام في المنطقة علينا أن نفهم أولاً ماذا تريد أمريكا من المنطقة والتي تكمن مصالحها في ثلاث أشياء فقط
أمريكا والمصالح الثلاث..
1_ الثروات الموجودة في الشرق الأوسط ككل وفي منطقتنا العربية بشكل خاص وهنا لا نقصد الثروات الخليجية التي هي أصلاً في “الجيب الأمريكي” بل المقصود بالثروات، الغاز النقي في بحر غزة و لبنان وجنوب اليمن والنفط الموجود في سوريا والعراق وباقي المعادن الثمينة وغير الثمينة كالحديد والزنك والنحاس والفوسفات وغيرها.. والتي تشكل نصف احتياطي العالم
2_إسرائيل وبصفتها يد أمريكا في المنطقة وذراعها في المخطط الأمريكي في نهب الثروات الموجودة في المنطقة
3 _خطوط التجارة العالمية التي تمر من منطقتنا العربية في البر والبحر والتي تتحدث المرجعيات الاقتصادية في العالم بأنها أنشط منطقة في العالم بحكم موقعها الذي يشكل صلة وصل ثلاثية الابعاد بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وفي ذات الوقت يلعب موضوع المساحة الواسعة و عدد السكان الهائل أهمية كبيرة كونه يشكل سوق استهلاك هائل للشركات العملاقة العاملة بأموال أمريكية او بسياسة أمريكية
حرب غزة و ضرب المصالح الثلاث
والآن وبعد مئة يوم من الحرب والقتال والصمود الأسطوري و الدعم الاستراتيجي الهائل من محور المقاومة وتوزيع الأدوار الإبداعية للحد الأقصى من لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى إيران وصولاً لليمن، بدأت المصالح الامريكية الثلاث تفلت من يد الأمريكيين بشكل فعلي، وبعد جهد أمريكي يمتد لعشرات السنوات لتمهيد الأرضية للقبض على المصالح بطريقة ضامنة
مئة يوم بكل ما فيها من وجع وألم للفلسطينيين لتقضي على التعب الأول ل “جورج بوش” الأب وعرّابه آنذاك “ديك تشيني” في حرب الخليج الأولى، لا السيطرة الأمريكية المفرطة على المناطق ولا الثروات كشرق الفرات والحدود السورية العراقية ولا غزة التي أفلتت ذات (7) أكتوبر من قبضة استخبارات الكيان وعلى حين غرة صار التفوق الإسرائيلي يحكى على سبيل النكتة و لا في اليمن الذي كان عصيّاً على كل الغزاة وصار أشد بأساً ويفرض معادلات بحار جديدة وممرات تجارية
الخلاصة أن الأمريكي الذي أفنى كل سياساته في المنطقة لأجل هذه المطامع أسقط في يده وخرجت الأمور عن سيطرته لدرجة أن بعض السياسيين المخضرمين ذهبوا إلى أن الأمريكي قد يذهب لخيار الحرب التي حتماً هي أقل تكلفة مما يخسره حالياً في المنطقة… لكن الأمريكي جبان
أمريكا الجبانة وتحضير الساحات
كل ما يفعله الأمريكي الآن هو تحضير الجو العام لمشهد الحرب كالذي يحصل مؤخراً في البحر الأحمر وما فعلته البحرية الأمريكية جهاراً نهاراً بقرصنة السفن التي لا تتبع للكيان الإسرائيلي ومنعها من المرور من باب المندب لتأليب الرأي العام العالمي على اليمن واتهامه بعرقلة طرق التجارة العالمية و خلق رأي عام عالمي ضد اليمن وإنشاء تحالف عالمي ضده، لكن حتى الآن هم فشلوا في إقناع العالم وحتى في إقناع حكام الخليج الذين لطالما كانوا يغفون على يد السيد الأمريكي دون تهويدة ما قبل النوم
إذاً فإن الأمريكي ذاهب نحو الحرب وقرار الحرب يبدو أنه متخذ في أروقة السياسة الأمريكية وكل التمثيلات السياسية والمبعوثين الأمريكيين الذين يحملون رسائل فحواها تهدئة الحرب وتضييق نطاق الحرب سقطت حيث قالت صحيفة “واشنطن بوست” أن الأمريكي قد اتخذ قرار الحرب ولديه سنة كاملة لتنفيذ الحرب أي حتى 16/ 12 /2024 وهو آخر يوم من الانتخابات الرئاسية الأمريكية حيث يستطيعون صرف حرب كهذا وتحميل نفقاتها على عبيد الخليج
سنن الحرب لها إله أكبر من أمريكا
يختار الله لكبرى معاركه أقوى جنوده، وأمريكا التي تأخذ المنطقة كلها نحو حرب لا أحد يعلم نتائجها و كارثيتها إلا الله الذي يسن الحرب و يأخذها نحو الحق حيث يقول الله تعالى (وَأَلۡقَیۡنَا بَیۡنَهُمُ ٱلۡعَدَوَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ كُلَّمَاۤ أَوۡقَدُوا۟ نَارࣰا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ) كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، لكن كيف يطفأها الله ؟؟
يطفأها ب رجال ك “محمد الضيف” و”يحيى السنوار” والسيد “عبد الملك الحوثي” و السيد “حسن نصر الله” يطفأها ب دول كدول المحور قادرة على صنع الرجال على المستوى الاستخباراتي والعسكري والتكنولوجي لأماكن لا يمكن للعدو تخيلها وهذا لا يعني أن العدو سيوقف مسلسل الاغتيالات الجبان أو الغارات الجوية أو لن يتم ضرب البنى التحتية أو أنه لن يسقط هناك شهداء، لكن ما يعنيه إطفاء الحرب هو أن الحرب التي أخذ قرارها الأمريكي ستغرقه وتغرق الإسرائيلي معه أكثر مما هم غارقين في طوفان الأقصى وأن المصالح
الثلاث ستفلت من يدي الأمريكي وقد عنونت صحيفة “إسرائيل اليوم” عن جبهتهم “لقد ولى زمن الانتصارات”.
اليوم التالي.. أو ما يسمى بالمرحلة الثالثة
كل المعطيات على الأرض باتت واضحة:
أولاً: في اليوم التالي لن يحلموا أن يروا اسيراً إسرائيلياً واحداً قبل أن يتم تبييض كافة السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين وأولهم أولئك الذين قاتلوا وهزموا إسرائيل
ثانياً: في اليوم التالي لن يحلموا في البقاء في غزة ولن يحلموا بتهجير شعب غزة البطل
ثالثاً: في اليوم التالي ستظهر المقاومة الفلسطينية ستخرج من هذه المعركة أقوى وتملك زمام الأمور بعد تجربة “طوفان الأقصى” الجبارة
رابعاً: في اليوم التالي لن يحلموا أن تعود المقاومة اللبنانية ليس (7 كم) كما يحلم ” هوكشتاين” بل لن يحلموا أن تعود متراً واحداً و بدل “الخيمة” التي سببت الزعر لإسرائيل على حدود مزارع شبعا سيرون خيماً على طول الحدود وليذهب (250000) مستوطن الى جحيم النزوح الذين أذاقوه للفسطينين منذ عام (1948)
خامساً: في اليوم التالي لن يحلم الأمريكيين بالتبختر في شرق الفرات ولن تحلم البحرية الأمريكية براحة الملاحة البحرية في البحر الأحمر أو على حدود اليمن البحرية هذا فقط ما يعنيه اليوم التالي
ختاماً:
يبقى السؤال الأخير وفق الخيارات..وهو سؤال لنا جميعاً
لو تم وضعنا بين خيارين الأول هو عبارة عن (هدنة) نهايتها أن يعودوا لاحتلال أرضنا وينهبوا ثرواتنا أكثر مما ينهبونها الآن ويوطنوا الفلسطينين خارج فلسطين والسوريين في بلاد اللجوء وفي لبنان بشكل خاص أو (حرب محدودة) محسومة النصر بإذن الله وسواعد رجال المحور نهايتها عودة الأرض والثروات و بعود الفلسطينيون والسوريون إلى بلادهم ونحيا كما كنا دوماً بكرامة أيهما نختار ..؟