التغلغل الصهيوني الذي تفشى في الوطن العربي لم يأتي صدفة، ولم تكن اتفاقية كامب ديفيد سيئة الصيت بين مصر والكيان، أو ما تم بين الكيان والأردن هي الذريعة لهذا التغلغل.
الإعلام القطري نقطة الإختراق التي حققها الصهاينة
فقد بقيت عجلة ما يسمى بالسلام عرجاء، لا تعرف طريقها للوصول إلى العمق العربي؛ حتى انبرت قطر بقيادة “حمد آل خليفة” الذي وصل للسلطة بانقلاب على أبيه منتصف عام 1995، حتى يحظى بمباركة واشنطن فتح باب التطبيع أمام الكيان الصهيوني على مصراعيه، وفي طعنة أخرى لهذه الأمة؛ فقد تم التسويق لها عبر قناة الجزيرة القطرية التي أدخلت الكيان وقادته إلى كل بيت عبر برامج هادفة لكسر الحاجز النفسي الذي لدى الجمهور العربي الذي كان لا يتقبل سماع أو رؤية قادة هذا الكيان.
مال وإعلام واستسلام ….أوراق قطر للتطبيع
التطبيع لم يقتصر على فتح مكتب للصهاينة في الدوحة رئيسه بمرتبة سفير، بل ذهب إلى حد تزويد الكيان بالغاز القطري بسعر رمزي، وذلك عدا عن فتح بورصة للغاز في عاصمة الكيان الصهيوني، كما أثار حماس قطر للتطبيع مع الكيان الصهاينة أنفسهم، وقد صرح وقتها “سامي ريفيل” أول رئيس لمكتب تمثيل المصالح الكيان في قطر (1996-1999): أن الدوحة هي من سعت إلى التطبيع بصورة أدهشت الإسرائيليين أنفسهم.
لم يتغير الوضع كثيراً؛ رغم ضجيج قناة الجزيرة عن مهاجمة التطبيع، فقد بقيت قطر تحافظ على علاقتها مع الكيان ولو سراً، حتى مع تصاعد العدوان الصهيوني على غزة تكتفي الدوحة بذرف دموع التماسيح، لكن مع الحفاظ على دورها كصندوق بريد بين الأطراف.
هل حقاً قطر تهتم بالوجع الفلسطيني؟!!
ادعاء قطر أنها تقدم مساعدتها لغزة هو أمر محل شك من حيث كمية وحجم ونوع المساعدات وأهدافها، ولماذا تصر قطر على ادخال مساعداتها إلى غزة عن طريق معابر الكيان الصهيوني، مع أن هناك معبر رفح المصري الفلسطيني؟!!
فهل هناك مصلحة صهيونية من وراء هذه المساعدات؟!
أم أن هناك مساعدات نوعية تذهب إلى الكيان سراً تحت غطاء المساعدات إلى غزة؟!!
ما يدفعنا للحديث عن الدور القطري المشبوه، خاصة هذه الأيام، هو كمية الضخ الإعلامي عن دور قطر وخدمتها للقضية الفلسطينية، وتعاطفها الكامل مع شهداء غزة وحزنها الشديد عليهم، وإدانتها لجرائم الكيان الصهيوني، في الوقت الذي لا تزال تستقبل قادة الكيان الصهيوني وتصافح أياديهم الملطخة بدماء شهداء فلسطين وغزة والضفة وكل فلسطين.
حين ينقلب السحر على الساحر
الصور ة كانت هي لعبة قطر ضد الآخرين، لكنها سلاح ذو حدين انقلبت عليهم حين التقطت عدسات المصورين مصافحة أمير قطر لرئيس الكيان الصهيوني في مؤتمر المناخ المنعقد في الإمارات في ذروة جرائم الإبادة الصهيونية في غزة.
لكن لم يتوقف الأمر على ذلك فقد كشفت وسائل الإعلام يوم أمس عن مشاركة وفد رياضي صهيوني في بطولة السباحة على أرض قطر؛ حيث نالت السباحة الصهيونية المركز الثاني في البطولة، وكونها تحت رعاية تميم قطر فقد خرجت بتصريحات مستفزة لكل متضامن مع الفلسطينيين بقولها: “أنا هنا لتمثيل بلدي، وأنا أفعل ذلك مع العلم الإسرائيلي، وأنا فخورة بذلك، ومن لا يعجبه فهذه مشكلته”
المقاطعة للكيان مجدته الجزيرة خارجياً لكنها لا تجرؤ على إدانة التطبيع داخلياً!
في الوقت الذي مجدت فيه قناة الجزيرة موقف أندونيسيا التي ألغت إقامة بطولة العالم للشباب على أراضيها بسبب مشاركة وفد إسرائيلي تضامناً مع فلسطين، وسبقتها من قبل ماليزيا برفض إقامة بطولة العالم للإسكواش على أرضها لذات السبب تضامناً مع القضية الفلسطينية، إلا أن قناة الجزيرة أو الإعلام القطري لم يتطرب لإدانة هذه المشاركة، بل ذهبت الوقاحة حد محاولة التستر على الوجود الصهيوني ضمن البطولة كما حدث مع السباحة الإسرائيلية عام 2019 حين تم إظهار علم الكيان بلون أبيض حتى لا يلفت انتباه المشاهدين.
المواقف تحتاج إلى أفعال لا أقوال
تلك الدول لم تتبجح ليل نهار عبر إعلامها بدعم القضية الفلسطينية، لكنها وقت يتطلب الأمر التعبير عن موقف تبرهن عنه بالفعل لا بالقول، في حين قطر التي لا تكل ولا تمل في الحديث عن نكبة فلسطين لا تجد مانعاً لديها من مشاركة الصهاينة على أرضها رافعين أعلامهم، دون أي مراعاة لذوي الشهداء الفلسطينيين الذين تم إزهاق أرواحهم من جنود يحملون ذات العلم الذي رفرف في قطر.
لا يمكن لقطر التحجج بالقول إن الرياضة لا علاقة لها بالسياسة، فما حدث لروسيا وروسيا البيضاء من إلغاء للبطولات الرياضية التي كانت ستقام على أراضيها، خير برهان على أن الأمور عندما تتعلق بمصالح الغرب جميعها تدخل في قلب بعضها البعض.