أخبار حلب _ سوريا
توارثت العائلات السورية طقوس شهر رمضان، وتمسكت بها حتى باتت طقوس عامة تتنوع حسب المدن والمحافظات، وحافظت هذه الطقوس على جوهر الفضائل والروحانيات بهذا الشهر، ولكن يبقى رمضان حلب يفوح برائحة التراث والأصالة.
حيث كانت الطقوس الرمضانية مترافقة بالموائد الغنية باللحوم والحلويات التي لابد منها، ومن الطبيعي أن يتواجد التمر والمشروب الذي تراه فقط على مائدة رمضان وهو السوس.
وأما أمسيات رمضان، فتلتم العائلة مع الأبناء والأحفاد بتواجد المعروك الرمضاني والكثير من المأكولات والعصائر.
وحالياً بهجة رمضان باتت تندثر مع تعرض البلاد للحصار الاقتصادي، والظروف الخانقة التي تمر بها، إذ أن أغلبية الأسر تفتقد لأحد أفرادها نتيجة الهجرة، وبالتالي غابت لمة العيلة عند الأغلبية، وبالنسبة للمأكولات التي لا تحلو مائدة رمضان إلا بها فقد اختصرت وألغيت عن المائدة نتيجة سوء الأوضاع مقابل التضخم الاقتصادي.
9 ملايين تكلفة وجبة الإفطار لمدة شهر!
وفي هذا الإطار، أوضح الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور “شفيق عربش”، أن الأغلبية العظمى من السوريين أصبحت غير قادرة على القيام بهذه الطقوس، وذلك بسبب الارتفاع الكبير للأسعار والظروف الاقتصادية الحالية، فهي بدأت بالتلاشي شيئاً فشيئاً منذ عدة سنوات، باستثناء بعض الحالات القليلة في الأرياف.
وأشار إلى أن وجبة الإفطار لأسرة مكونة من 5 أشخاص أصبحت تكلفتها تصل إلى 300 ألف ليرة بالحد الأدنى، أي إن ذلك أصبح يكلف شهرياً نحو 9 ملايين ليرة، ولكن لا يستطيع المواطن إعداد مثل هذه الوجبة بشكل يومي.
وبدوره، أفاد عضو غرفة تجارة دمشق “ياسر اكريّم”، أن ارتفاع الأسعار لن يحرم السوريين من القيام بالطقوس الرمضانية وإنما سيخفف منها، فقد أصبحت العزائم تقام بالحد الأدنى مقارنة بما كانت عليه قبل عدة سنوات، موضحاً أن وجبة الإفطار أصبحت تكلف 50 ألف ليرة للشخص الواحد في حال كانت الوجبة كاملة لا ينقصها أي مكون غذائي، ولكن هذه التكلفة لا يدفعها كل المواطنين لأن الكثير من الأسر أصبحت تعتمد على الوجبات التي تفتقر للحم أو السمن وغير ذلك من المكونات ذات الأسعار المرتفعة بالنسبة لهم.
السوريون عاجزون عن القيام بالطقوس الرمضانية
ومن جهة أخرى، أيد أمين سر جمعية حماية المستهلك “عبد الرزاق حبزه” الدكتور “عربش” على أن السوريين أصبحوا عاجزين عن القيام بالطقوس الرمضانية؛ نتيجة للظروف القاهرة، فعلى سبيل المثال أصبحت وجبة الإفطار التي اعتاد الصائمون تناولها في أول يوم من شهر رمضان والتي يعد اللبن مادة أساسية فيها تكلف نحو 500 ألف ليرة، وهذا الأمر يشكل عبئاً كبيراً على الكثير منهم.
كما لفت”حبزه” إلى أن الكثيـر من الأسـر لـن تستفيد من السلة الغذائية التي طرحتها مؤسسة السورية للتجارة، وذلك لعدم قدرتهم على شرائها على اعتبار أن سعرها يعد مرتفعاً قياساً بالأجور، لافتــاً إلى أن الأســواق تشهد خلال شهر رمضان ارتفاعاً بأسعار بعض السلع الغذائية كالأجبان والألبان والأرز.
وخلاصة، رغم الظروف التي عانتها سوريا، بدأت هذه المدينة العريقة تستعيد رونقها وذكريات الطقوس الرمضانية الجميلة، إلا أن غصة الحرب والفقد لاتزال تخنق العديد من الأسر.