أخبار حلب _ سوريا
بقلم الإعلامي: أديب رضوان
تحت مزاعم أمريكية ثبت زيفها وتحت عناوين برّاقة من قبيل إحلال الديمقراطية وبناء الدولة الحديثة، وحماية الحريات والحقوق للشعب العراقي؛ قادت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفها المزعوم ضد العراق وغزت البلاد عام 2003 وذلك في حدث مفصلي في تاريخ المنطقة لن يسقط من ذاكرة العراقيين ولا من ذاكرة أبناء المنطقة برمتها.
كذبة القرن
في فجر يوم 20 من شهر آذار من عام 2003 بدأ الجيش الأمريكي صبّ حمم جحافله العسكرية على المدن العراقية، ليس حباً بالشعب العراقي وتخليصه من قيادته آنذاك على اختلاف الرؤى بشأنها، بل كان الهدف واضحاً وجلياً احتلال هذا البلد الغني بالنفط، ونهب خيراته وتبديدها؛ ناهيك عن موقعه الجغرافي المهم في منطقة الشرق الأوسط والسيطرة عليه.
في ذاك اليوم شنّت أمريكا وبريطانيا، بالتعاون مع عدة دول شكلت ما يسمى آنذاك بالتحالف الدولي، حرباً ضروساً ضد العراق وساقت عبر مسؤوليها مجموعة من المزاعم التي بنت على أساسها غزوها للعراق من قبيل امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل ومن ثم احتلال أراضيه في نيسان عام 2003، وتبين بعدها بسنوات أنها مبررات “كاذبة” وصفها العديد من الخبراء الاستراتيجيين بكذبة القرن.
وتحت هذه الكذبة استطاعت واشنطن آنذاك تبرير احتلال للعراق وخداع العالم وإقناع الرأي العام، حيث تنوعت حملات التضليل التي قادتها واشنطن في سياق ذلك ما بين كذبة امتلاكه أسلحة دمار شامل وما بين إيواء العراق لعدد من العناصر الضالعة بحسب واشنطن باعتداءات أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.
كل ما سبق ثبت بالدليل العلمي القاطع كذبه سواء عبر المفتشين الدوليين المعنيين بالسلاح الكيميائي أو من خلال الوثائق المتكشفة لاحقاً، إذ كشفت وثائق بريطانية أن لندن شريكة واشنطن في غزو العراق، كانت على علم بأن العراق لم يكن لديه القدرة على امتلاك لا أسلحة دمار شامل ولا صواريخ بعيدة المدى قبل عامين من تاريخ الغزو.
تفريغ مؤسسات الدولة
عمدت واشنطن بعد احتلال العراق إلى تفكيك شامل لمؤسسات الدولة خصوصاً الأمنية والعسكرية والسياسية بما خلف أوضاعاً كارثية أدخلت العراق في فوضى ما بعد الحرب، نموذج ترحب به واشنطن وتغذيه وتدعمه في سياق سياسة ما يسمى “الفوضى الخلاقة” لدول المنطقة.
حيث كانت واشنطن قد ربطت في عام 2008 وجودها العسكري في العراق بعدة اتفاقات أطلقت عليها “اتفاقية الإطار”، ثم توالت عملية إحكام السيطرة الأمريكية على العراق بإبرام اتفاقات التعاون الاستراتيجي عام 2010؛ بهدف التأطير القانوني للوجود الأمريكي الاحتلالي على الأرض العراقية حتى في مرحلة ما بعد الانسحاب عام 2011.
تداعيات مستمرة
لقد بلغت الخسائر البشرية العراقية جراء الغزو الأمريكي ما بين 500 إلى نحو مليون ضحية بحسب الأرقام العراقية، كما أن هذا الغزو لا تزال مضاعفاته بادية حتى الآن بما خلفه من أحقاد وعداوات وانتشار الإرهاب الذي وجد تربته الخصبة.
كما استنزف الاحتلال موارد العراق وأغرقه في أزمة، وأدّى إلى نقص في موارد الطاقة، وأسفرت القوانين التي سنها الاحتلال إلى بروز التوترات وزيادة الانقسام السياسي في البلاد، وأصبحت الهجمات الإرهابية أمراً شائعاً سمحت هذه البيئة الخصبة للجماعات المتطرفة مثل تنظيم “داعش” بالظهور والسيطرة على الأرض الأمر الذي فاقم مشكلات ليس العراق فحسب بل المنطقة عموما التي أغرقت بالجماعات الإرهابية.
لقد كان للغزو الأمريكي للعراق عواقب وخيمة وطويلة الأمد ليس على العراق فحسب بل على المنطقة والعالم برمته، مما أكّد مخاوف أولئك الذين عارضوا الحرب، كما أدى إلى اختلال في التوازن الدولي والعلاقات الدولية بين الدول والشعوب؛ ناهيك عن ضرب واشنطن عرض الحائط بكل القرارات الدولية وما نتج عن ذلك من تحد للمجتمع الدولي وتشريع “سياسة الغاب” الأمريكية في العالم تحت مسمى الحرب الاستباقية بعد اعتداءات الحادي عشر من أيلول عام 2001.
ختاماً
نقف اليوم أمام هول هذه الذكرى الأليمة ونستذكر التأثير الدائم للتدخل الغربي على استقرار المنطقة، لنؤكد مجدداً بأن الغرب الاستعماري لا يريد الخير لهذه المنطقة كما لا يريد استقرارها والهدف واضح وجلي حماية كيان الاحتلال الإسرائيلي وبقاء المنطقة بحالة اضطراب ومنع مقاومتها للكيان الإسرائيلي المؤقت؛ ليبقى هو الأقوى بالمنطقة وعلى الأنظمة العربية وعي هذه الحقيقة المثبتة تاريخياً ودعم الخيار الوطني والشعبي وخيار المقاومة في وجه الاحتلال وكل أشكال الهيمنة الخارجية على مقدرات الشعوب العربية وعلى قراراتها السياسية والسيادية.