أخبار حلب _ سوريا
منذ بدء الطوفان واندلاع الصراع في غزة، والأحداث التي تجلت بعد دعوات أمريكية لوقف إطلاق النار، والاستنفار الصهيوني بوجه أمريكا بأن له الحق بفعل ما يريد لا ما تريد أمريكا وأنه لا يسير بإمرتها، من يتابع ما يجري يعرف أن المسرحية الأمريكية تخفي في كواليسها كل أعمال الإجرام التي يرتكبها الكيان، فكل سلاح وكل ذخيرة دخلت للكيان كانت وأمريكا وراء ذلك.
يد أمريكا ملطخة بدماء غزة
وقد أكد على ذلك؛ دعم أمريكا المستمر في حق الكيان باتخاذ الإجراءات المناسبة ضد أي تهديدات، وإظهار التزامها العميق تجاه الكيان بما يشمل الدعم المالي والمساعدات العسكرية والأمنية وحشد الدعم العالمي لحرب إسرائيل في غزة.
إلا أن قرار أمريكا بشن الحرب وحشد الأساطيل في البحر المتوسط والبحر الأحمر؛ لدعم وتسليح الكيان بكافة الذخائر المطلوبة، إضافة إلى منع المندوبة الأمريكية مجلس الأمن وقف إطلاق النار قبل تحقيق هدف القضاء على المقاومة، يثبت مدى تورّط أمريكا في الحرب.
أكاذيب أمريكا خوفاً على مصالحها
ولكن لم تغير أمريكا عادتها في إلباس نفسها لباس الإنسانية وتبييض صفحتها، فقد دعت لوقف إطلاق النار، وتحدثت عن حياة المدنيين والإنسانية، وطالبت في وقف عملية رفح؛ إلا أن ذلك لم تفعله أمريكا للمصالح الإنسانية إنما خوفاً من ارتباطها بانتهاك حقوق الإنسان أو بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو أي نوع أو مستوى من مستويات الإبادة الجماعية.
حيث تنص العقائد العسكرية في أغلب الدول على قدسية الالتزام بالقواعد، ولأن التوجيهات السياسية التي تصدر لأي حرب، قبل أن تتحول إلى أمر عمليات؛ تركز على اجتناب أي إبادة جماعية أو أي انتهاك لحقوق الإنسان، وعندما تحدث فإن الدول مثل أمريكا، تسعى إلى إخفائها أو رميها في جهة الطرف الثاني.
ولأن هناك خوف من أن تكون أمريكا ضمن قائمة الدول المنتهكة للحقوق، فإنها تثرثر على المنابر، بينما تمد جيش الكيان في جميع عملياته العسكرية بأحدث الأسلحة والمعدات وبالمساعدة اللوجستية والفنية للبحث عن الرهائن وتدمير الأنفاق وتقديم المشورة العسكرية، ومشاركة الرئيس بايدن ووزير خارجيته ووزير الحرب في جلسات مجلس “كابينت الحرب الإسرائيلي” أكثر من خمس مرات؛ ليس تهدف إلا لتمكين الكيان من تحقيق إنجاز سريع وحاسم في القضاء على المقاومة.
صمود الشعب الفلسطيني يفضح ألاعيب أمريكا
لكن ما لم تحسبه أمريكا ولم يتوقعه الكيان، هو صمود الشعب الفلسطيني وانكسار الآلة العسكرية “الإسرائيلية” أمام المقاومين وبسالتهم وإعدادهم العسكري والإعلامي والاستخباري المثير للإعجاب لمعركة طوفان الأقصى، فكل ذلك قلب الأمور رأساً على عقب، ليظهر جليّاً التدخل الأمريكي المباشر في حرب غزة وفي قتل المدنيين.
وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر، وتزايد حدة العنف والوحشية في غزة، وإصرار الكيان على شن عملية عسكرية في رفح، بعد تهجير السكان إليها من غزة؛ ووجود مخاطر توسع الحرب إقليمياً، تلك المعطيات تشير إلى أن ذلك قد يؤثر على انتخابات الرئاسة الأمريكية؛ الأمر الذي جعل أمريكا تلبس وجهين في مواقفها، حيث تدعم الحرب من جهة وتحاول التملص من مسؤولية قتل المدنيين وتجويعهم من جهة أخرى، ستنتهي بالضرورة بفشل متوقع كبير لهما، بسبب صمود غزة بشعبها ومقاومتها، وبسبب تضحيات محور المقاومة وموقفه الحكيم بفتح جبهات مساندة.
أمريكا.. متى ستتحمل مسؤولية الدماء بغزة؟
وإذا كان هناك سؤال فهو، إلى متى ستتهرب أمريكا من تحمّل تبعيات الدعم الصهيوني؟ فبما أن كل ما يفعله الكيان مخطط له مسبقاً من قبل أمريكا، فإن أفعال الكيان في غزة هي خطط أمريكية بتنفيذ صهيوني، وهنا لا نرفع عن الكيان المسؤولية لأنه المنفذ، فمن يقتل بأداة ليست من أدواته وتخطيط وتفكير غيره، يزج هو أيضاً في السجن، فكلاهما مشتركان بجريمة واحدة.
لذا، فإن أمريكا تريد أن تحمّل الكيان وحده نتائج الدموية والإبادة في غزة، والكيان بدوره يكشف عن حجم إمداد أمريكا له بالسلاح، فإحدى الصحف الصهيونية تعترف أنه وصل للكيان 230 طائرة و20 سفينة شحن أمريكية، تحمل مساعدات عسكرية، إلى الكيان، وأن أمريكا فتحت جسراً جوياً لنقل الأسلحة إليه، منذ بدء عملياته العسكرية على قطاع غزة.
ختاماً
إن كلّ ما تحاول أمريكا فعله هو تشويش الفكر العالمي عبر دعمها للكيان، وبالمقابل المناداة بالإنسانية، وما يفعله الكيان من إصراره على عملية رفح ووقوفه بوجه أمريكا وعدم رضاه بالانصياع إلى أوامرها، يعتبر إبرة تخدير للعالم بأن هناك زعزعة علاقات صهيوأمريكية، وبالتالي يعتقدون أن الأمور ستكون لصالحهم بعد ذلك.
والمفاجأة غير المحسوبة للطرفين، أن ألاعيبهم أصبحت بالية وقديمة، فقبل الطوفان، حسبت المقاومة بكل أطرافها كل الحسابات التي يمكن أن تلعبها أمريكا وتتفق بها مع الكيان لإظهارها إعلامياً.
تابعنا عبر منصاتنا :