أخبار حلب _ سوريا
لأن تاريخ حلب أكبر من أن يُنسى أو يُهمل حُفر في ذاكرة من حديد، فإذا ما بحثنا في كتب التاريخ وقلّبنا بين صفحاته تتوافد لدينا الآثار والأحداث المؤرّخة، وإن الحُسن بالتاريخ يذكر، ولم يذكر التاريخ حُسن مدينة كما ذكر حُسن مدينة حلب وعراقتها.
تعد حلب واحدة من أقدم مدن العالم التي تمتعت بتاريخ غني وثراء ثقافي لا مثيل له، حيث تعود جذور هذه المدينة الجميلة إلى القرون السابقة، فكانت نقطة تلاق للحضارات، فشهدت ازدهاراً اقتصادياً وثقافياً عكس عظمتها.
فتمثل بين جدرانها آثاراً عظيمة روت قصصاً عريقة أرّخها التاريخ بين طيّاته، ومن بين هذه الآثار العريقة يبرز “باب الحديد” كأحد أبرز معالم المدينة، وتاريخه الطويل يشهد على صمود أهل حلب وتحدياتهم.
ويمثل “باب الحديد” القوة والصلابة والأمان، فتميز بتصميمه الفني المعقّد والإبداعي، حيث صنع من حديد مُزخرف بأشكال هندسية تقليدية وزخرفات إسلامية.
لكن ما سبب تسمية “باب الحديد” بهذا الاسم؟
تتعدد التفسيرات حول سبب تسمية “باب الحديد”، فهناك من يقول لأنه صُنع من حديد على عكس باقي أبواب المدينة المصنوعة من الخشب، وهناك من يقول بسبب وجود محلات الحدادة داخله، كما يذكر أنه سمي بـ “باب القناة” وأن الاسم جاء نتيجة لتاريخية مرتبطة بقناة كان يستخدمها الملك “الظاهر غازي” للذهاب من حيلان إلى حلب، وسمي أيضاً بـ “باب بانقوسا” ويرجع سبب تسميته إلى ارتباطه بحارة “بانقوسا” الكبرى التي تظهر عند خروجك من هذا الباب في اتجاه شمالي شرقي.
أسباب التأسيس
تم تأسيس باب الحديد كجزء من أعمال توسعة المدينة وتحصينها ضد الهجمات والغزوات خلال الفترة، وكان يُستخدم كمدخل رئيسي للمدينة، واستُخدم هذا الباب الحصين لغاية حفظ أمان المدينة وتأمينها من التهديدات، كما أضاف جوانب جمالية لطابع المدينة التاريخي.
إحداث باب الحديد
يعد باب الحديد أَحَد أبواب مدينة حلب القديمة ولا يزال إلى اليوم ويقع شمال القلعة مباشرةً، صنع في عام 1059 هجري، وهو من عمل السلطان “قانصوه الغوري”؛ تتراوح سماكة جدرانه بين 3.15 متر و4.80 متر.
ويوجد على يسار الداخل إلى الباب نص سلطاني ضمن الحجر وهو عبارة عن لوحة كبيرة بعدة أجزاء مدمجة في الزخرفة إلى يسار الباب نفسه، والكتابة مؤلفة من سطرين مع البسملة في الأعلى أبعادها 2.60 م و80 سم، وهي مكتوبة بخط نسخي مملوكي وبأحرف كبيرة.
أهمية باب الحديد
يعد باب الحديد من الأبواب التاريخية الرئيسية للمدينة ويُعتبر رمزاً لتاريخ حلب العريق، حيث يعود تاريخ باب الحديد إلى فترة المماليك في القرن 13، وهو أحد أقدم أبواب المدينة التي تُظهر أثاراً من التصميمات والزخارف الإسلامية التقليدية، إضافةً إلى ذلك كان باب الحديد يستخدم كنقطة دخول رئيسية إلى حلب، وكان له دور هام في تأمين وحماية المدينة، وأصبح جزءاً مهماً من التاريخ والثقافة المحلية في حلب.
فإذا كنت لم ترى باب الحديد من قبل، وذكر اسمه على مسمعك، فينبغي عليك أن تتصور مشهداً رائعاً، كما لو أنه لوحةً فنية تظهر في منتصف سوق تجاري حافل بالحركة والألوان، فتظهر أشعة شمس مُشرقة تتسلّط على زخارف باب الحديد، مُضفيةً على جماله لمعاناً ملفت، فلطالما كان هذا الباب المزخّرف نقطة جذب رئيسية للسائحين وسكان المدينة على حد سواء.
وها هو الأخطل الصغير الشاعر اللبناني “بشارة الخوري”، يروي لنا قصة حبه وتعلقه بآثار بمدينة حلب فيعبر عن إعجابه بأبيات تحكيها سطوه التاليات:
نفيت عنك العلا والظرف والأدب وإن خلقت لها إن لم تزر حلبا
لو ألّف المجد سفراً عن مفاخره لراح يكتب في عنوانه حلبا
ختاماً، يجب أن ندرك أن المحافظة على آثار مدينة حلب ليست مجرد واجب تاريخي وثقافي، بل هي أيضاً استثمار في المستقبل وتعزيز لوحدتنا الإنسانية، إذ تعكس هذه الآثار تراثاً غنياً وتاريخاً عظيماً يحكي قصة شعب وحضارة، ومن خلال المحافظة على هذه الآثار، نحافظ على هوية مدينتنا وإرثها للأجيال القادمة.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News