أخبار حلب _ سوريا
يقعُ حي “القصيلة” الأثري في حلب القديمة بين باب المقام وباب النيرب بالجهة المقابلة لمدخل قلعة حلب، بالقربِ من ساحة الملح، جنوب القلعة، وهو يُعدُّ واحداً من أقدم الأحياء الشعبية في حلب وأكثرها شهرةً، والذي يمتاز بحاراته الضيّقة ومنازله الشعبية القديمة.
وهذه المَحِلّة كانت من جملة المحلات التي حدثت أيام المرحوم “نور الدين زنكي” حين جعل لسور البلدة القديم فصيلاً فحصل حينئذ بين السورين ميدان فسيح دعي إذ ذاك “الميدان الأسود” ثم على تمادي الأيام عُمِّرَ فيه عدة محلات من جملتها هذه المَحِلّة.
وأما عن سبب تسمية حي “القصيلة” بهذا الاسم، فقد ذهب بعض المؤرخين أنّ الحي قديماً كان موضع لزراعة الشعير الخاص برعي المواشي أيام الربيع، فكان يسمى هذا الموضع “بالقصيلة” أي الأرض المزروعة شعيراً.
بينما أفادت رواية أخرى أن سبب تسميته راجعٌ إلى تحريف كلمة “قصيلة” إلى “فصيلة” بالفاء، والمقصود بها المنطقة الفاصلة بين سور القلعة والسور الكبير الذي يحوي أبواب مدينة حلب.
ومن آثار هذا الحي العريق “جامع الساحة التحتاني” والذي يقع تجاه قسطل الحي المشهور وهو عبارة عن سماوي يبلغ 20 ذراع، وفيه حوض يهبط إليه بدركات تزيد مساحته على عشر بعشر أنشئ من وصية بعض أهل الخير سنة 1304 هـ.
وفي الغرب مصلى صيفي في صدره محراب وفي جنوبيه قبلية لها منبر وعلى بابه منارة وهو مسجدٌ عامر تصلى فيه الصلاة الجهرية والجمعة والأعياد، ومن آثاره أيضاً “مسجد الساحة الفوقاني” وهو أوسع من الذي قبله لكنه دونه في العمار ولا تصلى فيه سوى الجهرية.
كما يضم الحي أيضاً مسجد الشيخ “عمر سم الموت” ويعرف بمسجد “الجنينة” لأنه تجاه أحد بابي جنينة “القصيلة” من جهة جنوبها يفصل بينهما الطريق الآخذ إلى جهة الحوارنة.
حيث كان محل هذا المسجد تلاً من التراب فرأى الشيخ عمر وهو رجل صالح في منامه قائلاً يقول له يوجد في هذا التل مسجد قديم فلما استيقظ حفر شيئاً من التراب فظهر له أثر محراب فاهتم بعمارة المسجد وحصل له من أولي الخير مبلغاً صرفه عليه وأخذ عمودي مرمر جميلين كانا في محراب داخل الجنينة المذكورة فوضعهما في محراب المسجد المذكور، وعمَّر فيه حوضاً أجرى إليه الماء من دولاب الجنينة وتم ذلك له في حدود سنة 1287 هـ وهو الآن عامر تقام فيه الجهرية وقد وقف عليه أهل الخير ما يقوم بكفايته.
ويوجد في الحي تجاه جامع الساحة التحتانية قسطل يهبط إليه ببضع دركات بني سنة 910هـ، ثم جدده سنة 1133 هـ الوزير الكبير “رجب باشا” صاحب قسطل الميدان الأخضر وسراي “بحسيتا”.
ويلاصق هذا القسطل من جنوبه سبيل صهريج عليه بناء حافل والصهريج واسع عظيم يجري إليه الماء من القسطل أنشأه “محمد علي بيازيد” سنة 1246 هـ، وفي هذه المحلة ثلاث مدارات وعدة أفران أقدمها فرن جار في وقف “كوجك علي آغا”.
هذا وقد تعرض حي “القصيلة” خلال سنوات الحرب لحجم كبير من الأضرار؛ نتيجة سيطرة الإرهابيين عليه وتعمدهم حفر الخنادق فيه باتجاه القلعة، خلال محاولاتهم المستمرة آنذاك لاقتحام قلعة حلب التي بقيت محاصرة طيلة سنوات الحرب.
ومنذ تحرير مدينة حلب نهاية عام 2016م ظهرت العديد من الأعمال الخدمية والمبادرات الشبابية التي استهدفت الحي بشكل خاص، وذلك عبر إزالة الأنقاض الموجودة فيه وفتح بعض الحارات القديمة التي كانت مغلقة نتيجة الدمار.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News