تشكل الأمطار الغزيرة التي عمت معظم أرجاء محافظة الحسكة، أحد أهم عوامل إقبال الفلاحين على زراعة محصولي القمح والشعير، لكن على الرغم من ذلك إلا أن نسب تنفيذ زراعة المحصولين الاستراتيجيين لا تزال متدنية.
لاسيما وأن الشهر الحالي هو الأخير لاستكمال عمليات الزراعة. وذلك لأسباب عديدة أدت إلى تراجع الإقبال على زراعة المحصولين في الحسكة والتي كانت تعد سلة سورية الغذائية، وكان إنتاجها يغطي حاجة البلاد كاملة، ومن أهمها الارتفاع الكبير في تكلفة الإنتاج، وعدم مخاطرة الفلاح لزراعة أرضه بالمحصول البعلي خوفاً من تكرار مواسم الجفاف السابقة، وتكبده الخسائر المتتالية.
يضاف إلى ذلك الارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة التي تباع في الأسواق. ونقلاً عن الفلاح “عبد المعطي خلف” من أهالي ناحية تل براك يؤكد أنه اضطر إلى تخفيض المساحة التي يزرعها بالقمح البعل لتبلغ 50 دونماً فقط من مجمل المساحة التي يملكها والبالغة 300 دونماً،
وذلك بعد تكبده خسارة فادحة خلال الموسم الماضي نتيجة الجفاف الذي ضرب المحافظة وأخرج جميع المساحات البعلية من دورة الإنتاج. مضيفاً إلى أنه رغم كمية الأمطار الجيدة التي هطلت مؤخراً والتي شجعت الفلاحين على الزراعة، إلا أن الغالبية خصصت جزءاً من المساحة التي يمتلكونها لزراعتها خوفاً من توقف الهطول المطري الذي قد يحدث خلال الفترة القادمة.
لاسيما أن الزراعة البعلية أصبحت مخاطرة لم يعد الكثير من فلاحي المحافظة قادرين على المجازفة بها في ظل الظروف الحالية. كما ذكر أحد الفلاحين أنّ “الاستغلال صفة ترافق التحضير للزراعة” ما أن يصبح هناك إقبال على شراء مادة حتى يرافقها الاستغلال في أسواق الحسكة، فمع بدء موسم زراعة القمح والشعير، ارتفعت أسعاره في الأسواق المحلية من 2000 ليرة سورية للكيلوغرام إلى 3700 ليرة سورية.
يضاف إلى ذلك أجور الحراثة والسماد وغيرها من المستلزمات. مبيناً أن زراعة مساحة 50 دونماً من أي المحصولين بعلاً يكلف الفلاح نحو 6 ملايين ليرة سورية، وإذا أراد إضافة السماد يترتب عليها مبلغ مقداره مليون ونصف مليون ليرة سورية.
ويبقى كل ذلك مرهوناً بحالة الطقس والهطول المطري، وفي ظل تأثر المحافظة بالجفاف خلال السنوات السابقة، من الممكن تكرار سيناريو توقف الهطول المطري خلال فترة نمو النبات ما يؤدي إلى موته وتجدد تكبد الفلاحين الخسارة.
بدوره، رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية الزراعة المهندس “جلال بلال”، أوضح أن “نسبة تنفيذ زراعة محصول القمح المروي مقارنة بالخطة الزراعية الفرعية الموضوعة تبلغ 16 بالمئة، وبمساحة مزروعة قدرها 45500 هكتاراً، والقمح البعل 18 بالمئة بمساحة مزروعة قدرها 77500 هكتاراً، والشعير المروي 19 بالمئة بمساحة مزروعة قدرها 19 بالمئة، والبالغة 5275 هكتاراً، والشعير البعل 20 بالمئة بمساحة مزروعة قدرها 55800 هكتاراً.
كما يشار إلى أن الفلاحين في محافظة الحسكة لا يتلقون الدعم اللازم للزراعة، نتيجة اعتبار الجهات ذات العلاقة مختلف مناطق المحافظة مناطق خارج سيطرة الجيش السوري، حيث يضطرون إلى شراء مستلزمات الإنتاج من السوق الحرة.