أعلنَ المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جينتيلوني مطلع شهر كانون الأول الحالي بأنّ: “أحدث المعلومات الإحصائية أظهرت أنّ الاتحاد الأوروبي يدخل حالياً في حالة انكماش وركود، في حين أن التضخم في جميع الدول الأعضاء في ارتفاع”.
مشيراً إلى أنَّ: “التضخم وصل إلى ذروته”.
ومن جهته حمل هذا التضخّم الذي برز مع إغلاقات والإجراءات العالمية في السنتين الماضيتين على خلفية انتشار وباء “كوفيد – 19”.
والذي عزّزته تداعيات العقوبات الغربية على موسكو منذ عمليتها في أوكرانيا منذ شباط الماضي صداه في العواصم الأوربية، حيث خرجت المظاهرات الحاشدة في فرنسا وبلجيكا تطالب برفع الأجور للتعامل مع الوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع الفواتير الأساسية عشرات الاضعاف من كهرباء وتدفئة.
بالإضافة إلى أنه قد ترافقت معه تداعيات اقتصادية تتمثّل بإجراءات “يضطر” الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذها لمواجهة هذا التضخّم الذي ارتفع الى 10% في شهر تشرين الثاني الماضي بحسب الإحصاءات الأخيرة.
ويذكر أنه بقمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة في العاصمة البلجيكية بروكسل الأسبوع الماضي كان قد أعلن البنك المركزي الأوروبي عن رفع نسبة الفائدة بمعدّل نصف بالمائة (0.5 bps) لتصل الفائدة تراكمياً الى 2.5%. وتعتبر وتيرة ارتفاع الفائدة هي الأسرع منذ تأسيس البنك المركزي الأوروبي عام 1999، مع زيادتين “كبيرتين” بمقدار 0.75 بالمئة في أيلول وتشرين الأول الماضيين.
وفي السياق ذاته حذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد: “أن العام المقبل سيشهد سلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة” لأنّ “التضخم لا يزال مرتفعاً، للغاية ومن المتوقع أن يظل فوق الهدف لفترة طويلة”.
ويشار بأنّ: “المركزي الأوروبي” قد لجأ إلى هذه السياسة من أجل امتصاص الكتلة النقدية والسيولة من الأسواق الأوروبية وتقويض الطلب ومن أجل فرملة عمليات الاقتراض لتقليل أيضاً نسبة السيولة في السوق.
و كما شدّد البنك شروط القروض الكبيرة، بما يصبّ في نهاية المطاف نحو تخفيف مستويات التضخّم الذي أصاب جميع أنحاء القارة.
وفي سياقٍ متصل علّق وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو على إجراءات “المركزي الأوروبي” معتبراً أن “سياسة رفع معدلات الفائدة تضر الاقتصاد الأوروبي وتساعد روسيا على تقويض التضامن الغربي مع أوكرانيا”.
وأشار “كروسيتو” أن” التهديد بتشديد جديد للسياسة النقدية في منطقة اليورو يزيد من تكاليف الاقتراض ويضر بالاقتصاد الضعيف بالفعل”.
أوروبا تواصل تضييق الخناق على نفسها!
والجدير بالذكر أنه في الوقت الذي تدخل فيه أوروبا نفقاً اقتصادياً مظلماً لن تتجاوزه العام المقبل بالحد الأدنى، أقرّ الاتحاد الأوروبي “الحزمة التاسعة” من العقوبات على موسكو والتي طالت شخصيات سياسية منها :نائبة رئيس الوزراء تاتيانا غوليكوفا، وقائد الحرس الوطني فيكتور زولوتوف، ووزيرة الثقافة أولغا ليوبيموفا، وزير التنوير سيرغي كرافتسوف، ووزير العلوم والتعليم فاليري فالكوف، وزير العمل أنطون كوتياكوف ووزير الطوارئ ألكسندر كورينكوف ووزير العدل قسطنطين تشويتشنكو. الى جانب شخصيات ومؤسسات إعلامية وثقافية.
واشنطن تعاني من أزمة التضخم أيضا.
سبق الاحتياطي الفيدرالي الأميركي البنك الأوروبي بهذه الخطوة، اذ رفع نسبة الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي في أيلول الماضي، وهو ما يضع الاقتصاد الأمريكي أيضًا على سكة الركود. وفي سياق متصل قد لفت “الفيدرالي الأمريكي” إلى تطلّعه رفع الفائدة الى 4.40 % مع نهاية هذا العام، فيما سيرفعها الى 4.60% مع بداية العام 2023 المقبل لمواجهة مستويات التضخّم المتصاعدة التي وصلت الى أرقام قياسية.
فقد ارتفع من 2% في العام 2018 وبلغ ذروة ارتفاعه منتصف العام 2022 الحالي حين وصل الى 9% وذلك بحسب إحصاءات وأرقام موقع Trading Economics.