ندرك أن أسعار المدافئ ترتفع كل عام مع وصول أولى غيوم الشتاء، على مبدأ العرض والطلب وبدء الموسم لكل صنف غذائي أو صناعي أو غيره.
لكن المستغرب في ارتفاع أسعار “الصوبيات” إلى مستوى غير مسبوق، وذلك لانعدام مازوت التدفئة، ما أدى لتراجع الطلب عليها بشكل كبير أيضاً.
وفي حمص، المحافظة الباردة المشهورة بالفتحة الهوائية “فتحة حمص” والتي تدخل إلى أجوائها نسمات لاسعة من الهواء البارد، لم يختلف الأمر كثيراً مع لجوء المواطن إلى كل وسائل التدفئة ما عدا الصوبيات نظراً لشح المازوت.
قامت وسائل الإعلام بجولة على بعض المحال المتخصصة ببيع المدافئ، وتبين ارتفاع أسعارها أضعافاً عن العام الماضي، وذلك حسب نوعيتها وجودتها مع وصول بعضها إلى أكثر من مليون ليرة.
والبداية كانت من حي “السبيل”، حيث تراوحت الأسعار ما بين 75_ 150 ألف ليرة للأنواع ذات الأحجام الصغيرة، بينما كانت لا تتجاوز 75 ألف العام الماضي بحسب أحد أصحاب المحال.
وعن سبب هذا الارتفاع الكبير قال “أثّر سعر الصرف وشح المحروقات المدعومة على تكلفة إنتاجها بالدرجة الأولى، وهو ما يسبب ارتفاع سعرها عند وصولها إلى المستهلك، حيث أن التجار والمعامل ترفع السعر وتمتد الحلقة لتصل إلى المواطن، فيمكن القول إن سلسلة الغلاء تبدأ من المواد الأولية حتى النقل”.
وقال صاحب محل آخر في حي “كرم الشامي”: هناك ماركات أفضل من ماركات، من حيث المتانة والحجم، ويصل سعر بعضها لأكثر من مليون ليرة إلا أن مشتريها يعدون على الأصابع.
الأسعار نفسها كانت موحدة بشكل تقريبي مع بعض الزيادة أو النقصان، إلا أن معظم الباعة أكدوا تراجع القدرة الشرائية والطلب على المدافئ، كما قال صاحب محل في حي “الأرمن” .
وأضاف “بات الجميع يلجأ لصوبيات الحطب أو تلك المستعملة منذ سنوات ولا عيب في ذلك، حيث دفع غلاء الأسعار بكل ما يخص لوازم الحياة جميع السكان لتوفير ما أمكن”.
واللافت هو قيام الكثير ممن التقت وسائل الإعلام ببيع مخصصاتهم، وهم من القلة القليلة التي حصلت عليها، كما قال أحد الباعة؛ مضيفاً “50 لتر مو مستاهلة صوبيا” .
وأضاف “لا تنسى أن هناك ملحقات يجب دفع ثمنها “كالبوري والكوع” التي ارتفعت أسعارها أيضاً، بحسب جودتها، حيث يبلغ ثمن البوري ما بين 8 و10 آلاف ليرة للمتر الواحد، و”الكوع” الذي يصل ثمنه إلى 3 آلاف ليرة.
ويشار إلى أن مخصصات العائلة من مازوت التدفئة تناقصت حتى وصلت حد 50 لتر فقط، واتجه الكثيرون لتأمين الحطب كوقود إضافي، رغم ارتفاع أسعاره بشكل كبير، حيث بلغ سعر الكيلو الواحد 1000 ليرة والطن أكثر من مليون ليرة.
ورغم ذلك، توقف توزيع المخصصات في المحافظات نتيجة قلة المحروقات، وتوجيه الموجود منها للقطاعات الأخرى بحسب تصريحات المعنيين، كالنقل والافران“.
ليبقى الحل الوحيد المتبقي أمام بعض الميسورين أو المجبرين هو شراء المازوت من السوق السوداء، رغم وصول سعر اللتر الواحد إلى أكثر من 10 آلاف ليرة، حيث تقوم بعض العائلات بشراء وتجميع كميات متفرقة، كلما توفر لديهم مبلغ ما.
يذكر أن ارتفاع أسعار المدافئ كما كل اللوازم الضرورية في سوريا، يترافق مع تدني مستوى الدخل الشهري للكثير من العائلات، وفقدان التوازن بين القدرة الشرائية وتكلفة الحاجيات الأساسية، مع مطالبات بضرورة رفع الأجور، والأهم من ذلك السيطرة على الأسعار.
كما تجدر الإشارة إلى أنّ النفط السوري المسروق زاد من معاناة المواطنين بالتدفئة شتاءً، كما أن ارتفاع الأسعار الشديد هذا يعود للحصار الاقتصادي الذي لايزال يخنق المواطنين ويضيق عليهم سبل العيش كافة.
هل من حلّ يخفف عناء السوريين، أم الأبواب موصدة أمامهم من كل الجهات.