تمثل الأكراد العرق الأكثر استغلالاً من قبل سياسات الدول الداعمة والمحركة لأحداث الفوضى في العالم، والأكراد هم مجموعة عرقية تنتمي إلى العرق “الآري”، تنتشر غالبيتها في غرب آسيا، وشمال بلاد الرافدين، وجنوب شرق الأناضول بمحاذاة جبال زاغروس في منطقة كردستان، بحسب موقع (ويكبيديا كرد).
ويعد حلم الأكراد بإنشاء دولة كردية على أساس عرقي من خلال القيام بحركات انفصالية في مناطق نفوذهم، المحرك الأكبر الذي يجعل القضية الكردية ورقة سياسية بيد صانعي القرار العالميين.
بعد العداء التاريخي الطويل الأمد بين تركيا والأكراد، انتقلت موجة الاضطرابات الكردية إلى مناطق نفوذهم في سوريا بعد الحرب التي بدأت أحداثها عام 2011م، وبينما كان الاقتتال الدامي بين داعش والفصائل الكردية في عين العرب وعفرين وغيرها من المناطق الكردية في سوريا كاد يكسر شوكة الكرد لصالح تركيا، التي أبدت تخوفاً كبيراً من تشكيل الحركات الانفصالية الكردية على الحدود السورية – التركية، إلا أن الدعم الأمريكي لأكراد سوريا شكل تعقيداً كبيراً في الشمال والشمال الشرقي من الأراضي السورية.
هل أمريكا على علاقة جيدة مع جميع التنظيمات الكردية في العالم؟
في سوريا تستطيع أمريكا من خلال مظلّة دعم الأكراد في مشاريعهم الانفصالية الاستفادة من المناطق الاستراتيجية التي تسيطر عليها الحركة الانفصالية الكردية المعروفة بـ “قسد”، وذلك لغناها بالآبار النفطية، حيث تمتص أمريكا أكبر حقلي نفط وغاز في سوريا في ظل الأزمة العالمية للطاقة، وتقوم بتهريب قوافل النفط المسروق عبر المعابر الحدودية مع العراق.
ومن جانبٍ آخر، توظف أمريكا “قسد” كعصا تلوّح بها لتركيا لتعيدها إلى بيت الطاعة كلما حاولت العصيان أو التمرد على السيطرة الأمريكية وطرق أبواب “بوتين” في محاولة من “اردوغان” اللعب على حافة الهاوية.
وفي كردستان العراق التي استطاع من خلالها الكرد تشكيل منطقة فدرالية لها حكم ذاتي كردي، فإنها بوابة أمريكا نحو فرض سياساتها في المناطق المجاورة لحكومة كردستان، كالعراق وسورية وإيران وتركيا، وكذلك منطقة نفوذ إسرائيلية في أربيل بحكم المصالح المشتركة وتشابه الأهداف.
وبعد وفاة الكردية الإيرانية “مهسا أميني” كانت كردستان العراق ومواقف رئيس حكومتها “بارزاني” قاعدة أمريكية للضغط على إيران وورقة للتدخل في الشأن الداخلي ليس فقط لأمريكا بل لكل الدول التي كانت تريد من طهران أن تنكفئ عن تعاظم تطوراتها العسكرية والتكنولوجية خشيًة من تحالف روسي أمريكي يضع قواعد جديدة لنظام عالمي جديد بعد الحرب الروسية – الأوكرانية ، فلم تخفي تلك الدول كفرنسا وألمانيا وبريطانيا وأمريكا وكذلك الكيان الإسرائيلي قلقهم من المسيرات الإيرانية العالية في الدقة والمتطورة في الأداء والرخيصة في الثمن.
الأمر الذي جعل تدخلاتهم لتأجيج الوضع منطلقاً من السفارات والدبلوماسيين الغربيين الذين تواجدوا على الأرض إلى أن وصل الأمر بالرئيس الأمريكي “جو بايدن” أن يطلق تصريحه السخيف “سنحرر إيران قريباً”
أكراد لا تراهم السياسة الأمريكية ولا صانعي القرار في العالم!
على الرغم من العلاقة الجيدة بين الحركات الكردية الانفصالية، والإدارة الأمريكية وتنفيذ الأكراد المشاريع الأمريكية في تشكيل منفذ لها إلى منطقة غرب آسيا، إلا أن قضية حقوق الأكراد تختلف عند الإدارة الأميركية باختلاف الجغرافيا.
ففي فرنسا لا نجد الدعم الأمريكي الذي يتدفق للأكراد الآخرون في العراق وسوريا، ولا يعلو صوت التصريحات الأمريكية والغربية في المطالبة بحقوق الأكراد المهدورة في فرنسا.
فبعد انتفاض السياسة الغربية للدفاع عن أكراد إيران، اندلعت في فرنسا مظاهرات كردية بعد هجوم مسلح على مركز ثقافي كردي ومقهى مجاور الأسبوع الماضي في جزء مزدحم من الدائرة العاشرة في باريس.
وقد قال الرجل الذي يشتبه بقتله 3 أشخاص وجرحه 3 آخرين بالقرب من المركز الثقافي الكردي في باريس لشرطي عند توقيفه إنّه فعل ذلك لأنه “عنصري”.
وفي أعقاب اشتباكات عنيفة بين الأكراد الغاضبون والشرطة، دعا المجلس الديمقراطي الكردي في فرنسا على موقعه على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إلى التجمع في ساحة الجمهورية، وهو مكان تقليدي للاحتجاجات في المدينة، حيث تجمع عدّة مئات في الساحة حاملين الأعلام، وطالب ممثلين عن الكرد اعتبار الهجوم إرهابياً.
إلا أننا لم نجد “بايدن” وسواه خرجوا بتصريحات منصفة للأكراد أو مطالبةً الحكومة الفرنسية بضبط النفس وعدم استخدام العنف.وليست المرأة الأولى التي يخرج فيها الأكراد بمظاهرات في فرنسا مطالبين الحكومة الفرنسية بحقوقهم، وتعرف فرنسا بسياسة اضطهادها للأقليات، ولكن ذلك ليس له لأبصار الإدارة الأمريكية والغربية أي سبيل.
وليست الازدواجية في المعايير أو النظر بعين واحدة تقتصر على القضية الكردية فحسب في مفهوم حقوق الإنسان عند أمريكا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا وغيرهم، بل تشمل كل مكان في العالم فبينما تعمى العيون عن قاتل الصحفي “خاشقجي” والصحفية “شيرين أبوعاقلة” وأيضاً الصحفية “دوغينا”، فإن تضج الصحف ووسائل الإعلام والتصريحات والتعليقات على مسألة استهداف الصحفي المتطرف “سلمان رشدي”.