يمثل اعتراف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالفشل في إغاثة المنكوبين أمر نادر الحدوث من قبله، وهو يواجه منافسة شديدة في انتخابات رئاسية مقرر عقدها في أيار القادم.
وذلك بعد عشرين عاماً قضاها في الحكم.
وفي الوقت نفسه كان قد اشتكى السكان في المناطق الأكثر تضرراً من بطء السلطات أو عدم جاهزيتها بالمعدات اللازمة، للتعامل مع ما وقع من دمار.
وفي السياق ذاته نددت عائلات منكوبة بحكومة عاجزة عن مساعدتها وإنقاذ أقربائها العالقين تحت الأنقاض، فالسؤال الذي يتبادر الى أذهاننا هنا هو: هل يخسر حزب إردوغان السلطة في أعقاب زلزال 2023 ؟!
ووسط حالة من الجدل والأخذ والرّد يواجه حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية، انتقادات شديدة من الجمهور والمعارضة.
حيث يلومون الحكومة بسبب استجابتها القاصرة والبطيئة للزلازل و عدم الاستعداد للكوارث في بلد معرّض للزلازل بالإضافة إلى سوء إدارة الأزمة وذلك على الرغم من أن تركيا لديها أكبر فريق بحث وإنقاذ في العالم حتى الآن.
وفي سياق متصل ألقى رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض “كمال كيليتشدار أوغلو” باللوم الشديد على أردوغان قائلاً أن “نظام الرجل الواحد” خاصته هو كارثة القرن.
وأضاف قائلاً:
“نظام الرجل الواحد هذا لا يمكنه اتخاذ قرارات. لم ينسقوا جهود الإنقاذ على الإطلاق، لقد تأخروا. أيدي الحكومة ملطخة بدماء مواطنينا”.
وهنا لا بد من التذكير بأن حساسية الانتخابات بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية أنها ستجرى في ظل ظروف بالغة الصعوبة.
فأجواء الوضع الاقتصادي من تراجع الليرة التركية وزيادة نسبة التضخم الى أكثر من 57% وفضائح الفساد التي تهيمن على المشهد التركي، وغيرها التي أثارت التنديدات، والصراع مع المعارضة ولا سيما حزب الشعب الجمهوري بلغ مرحلة غير مسبوقة.
وأما في الخارج فإن سياسة أردوغان أمام تحديات كثيرة بفعل التطورات الإقليمية والدولية، حيث فشلت سياسة عدم خلق خلافات مع دول الجوار.
فيذكر بأن تركيا تعاني نوعاً من العزلة الإقليمية، ولا شك أن استهداف الأكراد في سوريا يحرم أردوغان من أصوات أكثر من 20 مليون كردي في تركيا.
فكل هذه المغامرات ستؤثر سلبياً على شعبية أردوغان في أنقرة وبالتالي غرق سفينته في الانتخابات المقبلة.
وأخيراً يمكننا أن نفصح قائلين أن هذا الزلزال المدمر قد جاء ليقلب خطط أردوغان رأساً على عقب، لتجعل مستقبله السياسي على المحك.
فالإخفاقات في التعامل مع هذه الكارثة تعرض مصير رجب طيب أردوغان السياسي للخطر في الانتخابات المقبلة.
ويشار إلى أنه من المتوقع أن تشهد الساحة السياسية في البلاد تصفية حسابات، ومن هنا يبدو أن تركيا على أبواب سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على أسطنبول أن تتأهب لمرحلة جديدة وحاسمة.