يبدو لكثير من المحللين السياسيين إلى أن الفتن الطائفية والصراعات المذهبية والأزمات السياسية هي الحبل السري الذي يمد النظام السعودي بأسباب الحياة.
فبعد أن تخلص العالم نسبياً من الفتنة الداعشية الكبرى ومن المعلوم أنها خرجت من رحم الوهابية السعودية.
فالمسلمون لم يتنفسون الصعداء بعد حتى بدأ النظام السعودي في محاولة جديدة منه لضرب أمن واستقرار المجتمعات الإسلامية.
وقد ظهر ذلك جلياً عبر استخدام “الفن” بطريقة تحقق أهداف تنظيم “داعش” الإرهابي من دون أن تطلق رصاصة واحدة.
ففي توقيت مريب كانت قد أطلقت السعودية مسلسلين الأول منهما على منصة “شاهد” السعودية وهو مسلسل “الجابريّة الرحلة 422″، والثاني هو مسلسل “معاوية بن أبي سفيان” الذي من المقرر أن يبث من قبل مجموعة “أم بي سي” السعودية أيضاً في شهر رمضان المبارك.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الكويت كانت بالمرصاد للمسلسل الأول والذي كان بدوره يستهدف الأخوة الإسلامية العميقة التي تربط بين مكونات المجتمع الكويتي بكل طوائفه، والمعروف بإنفتاحه وتسامحه ونبذه للطائفية والتطرف والعنف ودعوات التكفير.
وفي السياق ذاته أصدرت وزارة الإعلام الكويتية بياناً صرّحت فيه عن رفضها القاطع للتعرض لمكونات المجتمع الكويتي من خلال أي عمل إعلامي ولأي غرض كان.
معربةً عن استيائها مما جاء في المسلسل الذي تم التطرق فيه إلى رموز الدولة الكويتية ومواطنيها وبيّنت أن مثل هذه الأعمال مرفوضة شكلاً ومضموناً.
من جانب آخر اعتبر الكويتيون بأنّ المسلسل يحمل إساءات لشخصيات كويتية، لا سيما بعد تجسيد شخصية أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، ويسيء للطائفة الإسلامية الشيعية الأمر الذي يضر بالأمن القومي.
هذا الموقف الكويتي القوي والحازم والرافض للعبث السعودي باستقرار المجتمع الكويتي، دفع الجهة المسؤولة على منصة “شاهد” إلى حذف المسلسل من قوائمها.
أما بالنسبة إلى العمل الفني الداعشي السعودي الثاني وهو مسلسل “معاوية” والذي خصصت له ميزانية ضخمة يذكر بأنها قد تجاوزت 100 مليون دولار الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً وكبيراً.
وهذا الجدل ليس فقط بسب شخصية معاوية ودورها في الفتنة التي أصابت المسلمين ومزقت صفوفهم، بل بسبب الجهة الممولة للمسلسل، وهي السعودية، التي كانت ومازالت تعمل على إثارة هذه الفتنة وتعميق الهوة بين المسلمين، معتمدةً على قراءة مشوّهة للإسلام وهي الرؤية الوهابية التي تكفر جُل المسلمين وما “داعش” إلا بعض تجليات هذه القراءة والرؤيّة.
والجدير بالذكر أن تقديس الوهابية لمعاوية وتسويق آل سعود لهذه الشخصية يرجع سببه إلى أن سيرة معاوية “تشرعن” النظام السعودي الذي فرض حكم العائلة بالسيف والدم على شعب جزيرة العرب تماماً
كما فعل معاوية عندما جعل من الخلافة الإسلامية نظاماً ملكياً وراثياً فرضه جبراً على المسلمين بحد السيف وحارب خليفة المسلمين أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وقتل رجال من كبار الصحابة رضي الله عنهم بالإضافة إلى قتله سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام الحسن بن علي عليهما السلام وذلك من أجل توريث السلطان لابنه المارق يزيد.
ومن المؤكد أن مسلسل معاوية ليس سوى محاولة لفتح جراح مازالت تنزف في الجسد الإسلامي، لا من أجل معالجتها بل من أجل جعلها تنزف أكثر لتلوث الأجزاء السليمة من هذا الجسد.
ويشار إلى أن الجهة المسؤولة عن هذا العمل الفني الداعشي تم إيجادها منذ أكثر من سبعة عقود في جزيرة العرب، من أجل بث الفرقة والشقاق بين أبناء الدين الواحد والحيلولة دون توحدهم.