يفيد التاريخ اليهودي منذ القِدم بأنه لم تعمّر لليهود “دولة” أكثر من 80 سنة وذلك إلا في فترتين استثنائيتين” حسب قولهم نبؤة قدر ينذر بتحققها انشقاق الصف في كيان الاحتلال وتآكله داخليا ليتجرع كيان الاحتلال من كأس المؤامرات التي يحيكها لإسقاط حكومات ودول عديدة.
ويشار إلى توالي المظاهرات وخروج مئات آلاف المستوطنين الإسرائيليين للأسبوع العاشر على التوالي احتجاجاً على التعديلات القضائية التي أراد رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إقرارها.
حيث لم تثني هذه المظاهرات الكنيست عن اتخاذ أي قرار يزيد من إشعال الأزمة الداخلية فقد صادق الكنيست بالقراءة الأولى على قرار “الحصانة” الذي يمنع من عزل رئيس الوزراء الصهيوني إلا في حال مرضه وهو أحد أكثر البنود الخلافية في إطار تعديل النظام القضائي الذي ينقسم الكيان الإسرائيلي بشأنه.
وفي سياق متصل يذكر بأن الموافقة على هذا القانون جاءت كخطوة استباقية لإفشال محاولة المستشارة القانونية اتخاذ قرار بعزل نتنياهو بسبب قضايا الفساد الموجهة ضده.
وبشكلٍ عام، فإن مشروع التعديلات القضائية بصيغته الحالية، سيحد بشكل كبير من صلاحيات المحكمة العليا، ويمنح تحالف الغالبية السياسية سلطة تعيين القضاة.
لذلك فكيان الاحتلال الاسرائيلي يعيش حالة من التمزق الداخلي وعدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي لم يشهدها من قبل.
فمنذ تقديم مشروع القانون، في بداية كانون الثاني من العام الحالي من جانب الحكومة التي شكلها نتنياهو في نهاية كانون الأول الماضي، خرجت احتجاجات واسعة اتسعت رقعتها الجغرافية، وصولاً إلى تنظيم احتجاجات، فيما يقارب 100 موقع وشارع وساحة في فلسطين المحتلة.
وتزامناً مع تحذير رئيس أركان جيش الاحتلال من الانقسام في جيش الاحتلال دعا رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك الضباط والجنود إلى التمرد على الأوامر العسكرية احتجاجاً على ما وصفه بالديكتاتورية التي تحكم اليوم في الكيان.
حيث طال تمرد ضباط وجنود الاحتياط لسلاح الجو فقد طلب ضابط كبير في الاحتياط إعفائه من مسؤوليته احتجاجاً على قرارات حكومة نتنياهو الأمر الذي أثار الخشية من تأثير ذلك على ضباط وجنود آخرين في سلاح جو جيش الاحتلال.
وفي السياق ذاته وجه 255 من رجال الأعمال اليهود الأمريكيين الذين استثمروا ملايين الدولارات بشكل تراكمي في كيان الاحتلال على مر السنين، رسالة إلى بنيامين نتنياهو حذروا فيها من أنهم سيتوقفون عن الإستثمار إذا نفذت حكومته “ثورتها القانونية”.
وتجدر الإشارة بأنه من الواضح أن نتنياهو ماضي في سياساته التي ستكتب نهاية كيان الاحتلال فاستدعاء ما يعرف بحرس الحدود ومحاصرة المتظاهرين بالمركبات والقوات الخاصة، تُعد رسالة واضحة لفض هذه التظاهرات واستخدام أكثر للقوة.
كل هذه المؤشرات تزيد المخاوف الصهيونية من الانقسام الداخلي في الكيان لا تنحصر في ما قد تؤدي إليه من انقسام في جيش الاحتلال وهروب الشركات والانهيار الإقتصادي إنما قد تؤدي إلى اقتتال داخلي وتفكك وسقوط حقيقي للكيان على رؤوس الصهاينة.
ومما لا بُد منه أن نهاية كيان الاحتلال ستكون آجلاً غير عاجل وهي نهاية محتومة فهو كيان مزيف مغتصب للأراضي الفلسطينية لطالما ضمن بقائه بالقوة والسلاح لكن انشغاله بالازمات الداخلية والانقسامات هي خطوة ستسرع من سقوطه في ظل إصرار المقاومة على مواجهة هذا الكيان المحتل وأصبحت المعادلة بأنّه لن يمر أي تجاوز من كيان الاحتلال دون حساب.