تأتي خطابات السيد حسن نصرُ الله الأمين العام لحزب الله اللبناني وزعيم المقاومة الإسلامية حافلةً بالرسائل الموجهة إلى أكثر من جهة سواء داخل لبنان أو على مستوى المنطقة بأكملها.
وإنّ خطاب السيد نصر الله الأخير الذي ألقاه اليوم في حفل تأبين حسين الشامي المؤسس “للقرض الحسن” وأحد أعمدة اقتصاد المقاومة لم يكن استثناءً فقد سلَّط الأضواء على الكثير من الأحداث المتوقعة في قادمِ الأيام.
فعندما يقول السيد نصر الله بأنّ: “أي اعتداء على إنسان موجود على الأراضي اللبنانية سواء كان لبناني أو فلسطيني أو من جنسية أخرى أو على منطقة لبنانية، سنرد عليه رداً قاطعاً وسريعاً ” فهذا يعني بأن سماحته يملك معلومات بأن هناك مخططاً إسرائيلياً لشن حملة اغتيالات لشخصيات عديدة سواء من حزب الله أو من حلفائه، خاصةً في المقاومة الفلسطينية.
و يمكننا القول بأن حملة الاغتيالات التي استهدفت قيادات فلسطينية وإيرانية في دمشق قبل بضعة أيام وكان آخرها اغتيال الشهيد علي رمزي الأسود أحد القادة العسكريين لحركة الجهاد الإسلامي ربما تمتد إلى بيروت والضاحية الجنوبية والسيد زياد النخالة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي الذي يحظى بحماية “حزب الله”.
وفي هذا الصدد أفادت مصادر وثيقة أن قيادة حزب الله نصحت نخالة بتقليص تحركاته في الفترة الأخيرة، وعدم مغادرة لبنان لقطع الطريق على هذه الحملة الإسرائيلية.
أما نتنياهو الذي تباهى يوم الاحد الماضي بإغتيال الشهيد الأسود قبيل إنعقاد الجلسة الأسبوعية لحكومته وهدّد بقوله: “نحن نصل إلى الإرهابيين، ومهندس الإرهاب في كل مكان فقواتنا تعمل على مدار الساعة لتصفية الحسابات مع الإرهابيين وإحباط بناهم التحتية”.
والسيد نصر الله عندما يوجه هذا التهديد الواضح والصريح للحكومة الإسرائيلية الفاشية الحالية، فإنه لا يطلق تهديداته جزافاً ويعني كل كلمة يقولها في هذا المضمار. ولعل إشارته إلى عملية تسلل أحد كوادر “حزب الله” عبر الحدود اللبنانية إلى منطقة الجليل المحتل “مزنراً” بحزامٍ ناسف ثم قيامه بزرع قنبلة في منطقة مجيدو وأسفر تفجيرها إلى مقتل إسرائيلي، لعل في هذه الإشارة تحذيرٌ أوليّ لاستراتيجية مواجهة قادمة ربما باتت جاهزة للتنفيذ.
ولا يسعنا أن نقول في النهايّة إلّا أنّ دولة الاحتلال قد اقترب موعد استئصالها ولن تُكمل الثمانين من عمرها كما صرّح السيد نصر الله .
ولا نستبعد في هذا السياق أن تقدم حكومة نتنياهو المحاصرة من كل الجبهات الداخلية والخارجية بتعجيل هذه النهاية إذا نفذت أي عدوان أو عملية اغتيال على الأرض اللبنانية.
فإنّ “حزب الله” وعندما يؤسس “كتائب الرضوان” لتحرير الجليل يرسل أحد الفدائيين لإختراق الحدود ويصل إلى هدفه في الجليل ويؤكد للإسرائيليين و حكومة الاحتلال مستوطنيه بأنه ليس خائفاً من الذهاب إلى الحرب، بل يتطلع إليها وجاهز لها وهذا ما يمكن استخلاصه من بين سطور خطابه اليوم و خاصةً أنه وبعد الانهيار الكامل الذي يعيشه لبنان من فقدان الليرة لقيمتها كلياً حيث لم يعد هناك ما يمكن خسارته، فالموت في ميدان القتال والكرامة، أشرف كثيراً من الموت جوعاً مثلما عبّر السيد نصر الله في أحد خطاباته الأخيرة.
فلبنان اليوم يجلس حالياً فوق برميل بارود شديد الانفجار وينتظر عود ثقاب التفجير، ومن غير المستغرب أن يأتي هذا “المُفجّر” من بنيامين نتنياهو ومتطرفي حكومته “المجانين” على حد وصف السيد نصر الله.
ومع التأكيد بأن هذه الحرب لن تظلَّ محصورة في لبنان أو جنوبه بل ستمتد ألسنة لهيبها إلى المنطقة برُمّتها وإذا قال السيد نصرُ الله فاستمعوا له.