لن يحصل تأكيد الرئيس بشار الأسد، من موسكو على أن التقارب مع تركيا قبل أن يتم تنفيذ كافة المطالب السورية من أنقرة.
هذا ما أفقد تركيا الأمل في احتمال أن تمارس موسكو ضغوطاً على دمشق للتنازل عن شيء من مطالبها، خصوصاً بعدما أكدت التسريبات الصحفية أن روسيا لم تمارس أي ضغوط على سوريا.
وصرّح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قائلاً:
“إن الجانب الروسي عرض إعادة جدولة الاجتماعات، ربما اتخذوا قراراً مشتركاً مع الجانب السوري، ثم قالوا إنهم سيرتبون اللقاء في المستقبل ووافقنا”.
وفي هذا السياق نشر أستاذ الدراسات الدولية في جامعة صن يات سين، الدكتور شاهر الشاهر في صحيفة “رأي اليوم” اللندنية، مقالاً ناقش فيه وجهة نظر تركيا بهذا الخصوص.
قائلاً: “المطلب التركي قد يبدو محقاً من الناحية الشكلية، بمعنى رغبة تركيا في الحفاظ على أمنها واستقرارها، وألا تتعرض لأية هجمات من داخل سوريا، في ظل عدم قدرة الدولة السورية على بسط نفوذها على كامل أراضيها حتى الآن”.
وأضاف: “لكن جوهر هذا الطلب ليس محقاً من الناحية الواقعية، فتركيا هي من سلح بعض هذه الفصائل وحماها وأدخلها داخل الحدود السورية، لتشكل ميليشيات جهادية تأتمر بإمرة أنقرة”.
وأوضح أن “المخاوف التركية من جماعات قسد الكردية، لا يقل شأناً عن المخاوف السورية من باقي الفصائل الإرهابية كهيئة تحرير الشام وعصابات الجيش الوطني المدعومة تركياً”.
مضيفاً:
أن “دمشق حرصت على إظهار استقلالية قرارها السياسي، وتقديم المصلحة الوطنية على إرادة الحلفاء والأصدقاء، ومن هنا فقد راهن الكثير على قدرة الروسي أو الإيراني في الضغط على دمشق للمضي قدماً في علاقاتها مع أنقرة، لكن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع”.
وفي هذا السياق نقلت جريدة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر تأكيدها على أن تركيا تدرس مجموعة من الخيارات حول وجودها العسكري في سوريا.
ولفتت إلى أنه “على الرغم من الموقف السوري الأخير المتشدّد حيال أيّ تطبيع للعلاقات مع تركيا قبْل التوصّل إلى تسوية أمنية شاملة تعالج مسألة الوجود التركي العسكري في شمال سوريا”.
وأفادت مصادر سورية معارضة بأن أنقرة لا تزال مصرّةً على عقْد لقاء ذي طابع سياسي مع دمشق، وهي من أجل تَحقّق هذا المطلب، تحاول تطمين الأخيرة عبر العكْف على إعداد مقترحات بخصوص تلك التسوية، تمهيداً لعرضها على الوسيطَين الروسي والإيراني، وبحسب المعلومات، فإن تركيا تُراهن على إمكانية أن تلعب موسكو وطهران دور الضامن لأيّ تفاهم أوّلي، والكفيل بإقناع السوريين بأنه سيسلك سبيله إلى التنفيذ، أيّاً جاءت نتائج الانتخابات الرئاسية التركية”.
كما نقلت صحيفة “نيزافيستيا غازيتا” الروسية عن الباحث في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ومدير مركز دراسة تركيا المعاصرة، آمور حاجييف، قوله: “أردوغان يقوم بنشاطات وساطة بشكل فعال جدا، والآن هناك فرص لحل الخلافات مع دمشق”.
ومع ذلك، لن تكون الانتخابات سهلة وستكون هناك حاجة على الأرجح إلى جولة ثانية لتحديد الفائز.
ومن طرف آخر أشارت صحيفة “الإندبندنت” إلى احتمال وجود عدم رضا روسي من الموقف السوري المتشدد، حيث نشرت:
“بعض المعطيات تنسب إلى موسكو أنها لن تتوقف عن السعي إلى تطبيع العلاقة السورية – التركية، وأن الرئيس فلاديمير بوتين كان واضحاً في محادثاته مع نظيره السوري في هذا الصدد، بالتالي تتوقع موسكو تراجعاً سورياً عن تأخير المصالحة، وفي المقابل، تفيد المعطيات من دمشق بأنها لن تبدل موقفها في المدى المنظور”.
وقد أكد السفير التركي السابق لدى دمشق عمر أنهون، في مقال نشره بصحيفة “الشرق الأوسط” عقب زيارة الرئيس بشار الأسد، إلى موسكو، أن ما حصل في سوريا “غير جيّد” بالنسبة للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، مؤكداً أن تأجيل الاجتماع الرباعي بين وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران ما كان ليحصل لولا موافقة روسيا.