منذ تولي “بتسلئيل سموتريتش” منصب وزير المالية في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة لم يتوقف سموتريتش عن مهاجمة الفلسطينيين والدعوة إلى قتلهم واحتلال قطاع غزة من جديد، الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة على القضية والشعب الفلسطيني.
وكانت آخر تصريحات سموتريتش العنصرية تجاه الفلسطينيين هي إنكاره لوجود الشعب الفلسطيني على أرضه، و تبني هذه الدعوات بشكلٍ رسمي من قبل حكومة نتنياهو ومن جانب آخر صفعة للمفاوضات التي تجريها السلطة الفلسطينية مع “إسرائيل”.
حيث خرج الوزير المتطرف بتصريحاته خلال مشاركته في فرنسا، لتكريم الناشط الصهيوني الراديكالي والرئيس السابق لحزب الليكود في فرنسا يوم الإثنين الماضي 20 آذار من الشهر الجاري وأنكر خلالها وجود الشعب الفلسطيني وادعائه أن دولتهم “اختراع وهمي لم يتجاوز عمره 100 سنة”.
فقد عكست تصريحاته سموتريتش حالة من الغضب الفلسطيني والعربي والدولي لتوجهات حكومة بنيامين نتنياهو التي صنفت بأنها الأكثر تطرفاً في تاريخ “إسرائيل”.
والجدير بالذكر أنّ خطورة تصريحات سموتيرتش تكمن بأنها تحمل دعوة للتحريض على الإرهاب ضد الفلسطينيين، والتطهير العربي، وإثارة الفوضى في المنطقة، خاصة أن الوزير المتطرف سبق أن دعا إلى إبادة بلدة حوارة الفلسطينية بعد الهجوم الذي تعرضت له من مستوطنين متطرفين.
ولم يكتفِ سموتريتش بإنكار حق الشعب الفلسطيني بأرضه، بل تعمد استفزاز الأردنيين من خلال تحدثه من على منصة كانت عليها خريطة “إسرائيل” بحدود موسعة تضم المملكة الأردنية والأراضي الفلسطينية.
وأحدثت تصريحاته ردة فعل فلسطينية وأردنية قوية كان أبرزها إعلان عمّان استدعاء سفير دولة الاحتلال “إيتان نائيه” للاحتجاج على سلوك وزير المالية المتطرف.
وفي السياق ذاته أدانت دول الخليج الست في بيانات منفصلة تصريحات سموتريتش مؤكدةً أنها دليل جديد على عنصرية حكومة الاحتلال ومحاولة لتزييف التاريخ وإنكار حق الشعب الفلسطيني في الوجود.
وعلى الصعيد الدولي دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” الحكومة الإسرائيلية إلى التنصل من تصريحات وزير المالية، التي قال إنها “لا يمكن التغاضي عنها بالتأكيد”.
وبعد حالة الغضب التي أحدثتها تصريحات وتصرفات وزير المالية صرّحت وزارة الخارجية الإسرائيلية بتاريخ 20 آذار الجاري:
“التزام إسرائيل باتفاقية السلام بينها والمملكة الأردنية الهاشمية”.
وأفادت في بيانها إنّ:
“إسرائيل ملتزمة باتفاقية السلام مع الأردن، ولم يطرأ أي تغيير على موقفها الذي يعترف بوحدة أراضي المملكة”.
وبالرجوع إلى خلفية سموتريتش فهو من أكثر الشخصيات الإسرائيلية تطرفاً ويشار إلى أنّه يتزعم “حزب الصهيونية الدينية” اليمني المتطرف و الذي يدعو أعضاؤه إلى ملاحقة الفلسطينيين في مناطق 1948 و1967 وخاصة في مجال الأراضي والبناء.
وكان سموتريتش من قادة حركة التمرد على خطة إخلاء مستوطنات قطاع غزة وجرى اعتقاله خلال عملية الانسحاب من غزة في 2005، بعد العثور في بيته على 700 لتر من الوقود بهدف القيام بأعمال تخريبية.
وينتمي سموتريتش لليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو، ويمارس دوراً إشرافياً للمستوطنين في وزارة الحرب كجزء من صفقة الائتلاف مع بنيامين نتنياهو.
كما لعِبَ دوراً بارزاً في أحداث الشيخ جراح خلال أيار 2021، التي مر بها سكان مدينة القدس المحتلة، والتي أدت إلى اندلاع مواجهة مع حركة “حماس”.
بالإضافة إلى إشرافه على حملة كبيرة من المداهمات والتفتيش لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
ومن جانب آخر يؤكد النائب في مجلس النواب الأردني خليل عطية أن تصريحات سموتريتش تعبر عن حقيقة وطبيعة وأهداف دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومخططاتها الجهنمية التي لا تستهدف فلسطين فقط، وإنما الأردن وسوريا ولبنان والعراق وكل الوطن العربي.
لافتاً إلى أنّ “إقامة اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال وتسابق بعض الدول العربية إلى التطبيع معها، يعد أكبر تشجيع لهذا الكيان ليزيد من استخفافه بهذه الدول ويزداد تمادياً في عدوانه على الشعب الفلسطيني، وتحقيق هدفه بإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل”.
ولم يتأخر مجلس النواب الأردني بالرد على وزير مالية الاحتلال حيث طالبت الحكومة في 22 آذار الجاري بطرد السفير الإسرائيلي من عمان، بعد أن استخدم سموتريتش الخريطة التي تضم حدود الأردن والأراضي المحتلة.
حيث أثارت تصريحاته حالة من الغضب الشعبي بين أوساط كتاب ونشطاء عرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهته اعتبر الكاتب عبد الخالق عبد الله أن ما تحدث به سموتريتش من إنكار الوجود الفلسطيني “وقاحة وغطرسة”.
مشدداً في تغريدة له على حسابه في “تويتر”: بأنه لا يكفي التنديد بتصريحات سموتريتش بل استدعاء السفير وتجميد التعاون مع حكومته حتى إشعار آخر.
بدوره أكد أستاذ العلوم السياسية عبد الله الشايجي في تغريدة له على حسابه في موقع “تويتر” أنّ تشكيل حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً وفاشية تدفع الأوضاع للانفجار.
وقال الكاتب السياسي ياسر الزعاترة إنّ: “تصريحات سموتريتش حول الشعب الفلسطيني هي رسالة لأوهام التطبيع”.
كما أكّد خبراء في الشأن الإسرائيلي أن منظمة “توراة الدولة” مهمتها وضع تصورات للوزارات لتطبيق التوراة في جميع مناحي الحياة في “إسرائيل”.
منوِّهين إلى أنّ تصريحات وزير المالية الإسرائيلي تعكس السياسة الخارجية والداخلية لحكومة نتنياهو المتطرفة خاصةً تجاه الفلسطينيين والعرب.
وبيّنوا أنّ: “هذه الحكومة الحالية تعد الأخطر على الشعب الفلسطيني والعرب، خاصة أن وزراءها يحملون أفكاراً عنصرية، ولديها أيديولوجيات دينية متطرفة”.
موضحينَ أنّ سموتريتش الذي دعا قبل أيام إلى إبادة بلدة حوارة الفلسطينية في مدينة نابلس “لا يهتم إلى المجتمع الدولي أو أي اعتبارات أخرى، لذلك يصدر تصريحات عنصرية ومتطرفة دون تردد أو وجود رادع من قبل رئيس حكومته”.
واعتبروا أنّ عدم خروج نتنياهو ونفيه أو التقليل من تصريحات سموتريتش، “يعني أن هناك توافقاً رسمياً على ما تحدث به الوزير المتطرف، ووجود نهج واضح لدى الحكومة حول حقوق الشعب الفلسطيني”.