بقلم: زهراء مهنا
يقولون قبل أن تصافح أحدهم عليك أن تقلّم أظافره وتتفقد أصابعك قبل أن تنزع يدك من لحمه فأنت في عالمٍ يستقوي عليك كل من يرى منك شيئاً من السذاجة، وقد يمكنك مصافحة الجميع وأنت قوياً دون أن تخسر جلدك، ولكن إذا كان خصمك أخطبوطاً بألف يدٍ وذراع فاحذر أن تمد يدك، بل أشهر عصاك وهاجم رأس الأفعى.
في منطقِ الغابة التي فرضته سلطة الشر على العالم هذا تماماً ما عليك أن تتبعه لتنجو، ولقد فهمت إيران ذلك بدقة سواء في سوريا أو في أي مكان آخر تشمّ فيه رائحةَ أمريكا.
ففي الوقت الذي لم يقف إلى جانب سوريا من دول المنطقة سوى إيران، تواجهها دائماً الذراع السوداء التي تحاول أن تتكاسر معها في ميدانٍ رخو كسوريا باعتباره مفتوح الحدود ومتعدد الجبهات.
ولكن ماذا تفعل إيران إذا كسرت الذراع السوداء الإسرائيلية؟
هل تنتهي أذرع أمريكا؟!
وفي الحقيقة كل الفصائل التي تخوض الحرب في سوريا أذرع عليك أن تفتش فيها عن أمريكا من قسد إلى جبهة النصرة إلى كل مشاريع خنق المتمردين على السلطة العالمية الكبيرة منها والصغيرة.
هل على إيران أو سوريا أن تستنزف طاقاتها بكسر الأذرع الولّادة لأمريكا أم عليها قطع رأس الأفعى ؟
هذا تماماً ما أدركه محور المقاومة في سوريا فبدأ يصب جام ثأره وغضبه على القواعد الأمريكية في دير الزور والتنف، وتعد قاعدة “القرية الخضراء” التي ارتفعت منها الراية البيضاء الأمريكية بتصريح أطلق عنانه المتحدث باسم البنتاغون الأمريكي “باتريك رايدر” صارخاً: “نحتفظ بحق الرد على قصف قاعدة “القرية الخضراء” في سوريا” من أكبر وأهم القواعد الأمريكية في شرق الفرات السوري.
فإذا أردنا أن نعلم لماذا تنتقم إيران من إسرائيل بأمريكا علينا أن نعلم أن إيران تنظر لأمريكا على أنها:
أولاً:
أمريكا هي سبب وجود إسرائيل في المنطقة وكيان إسرائيل هو مصلحة أمريكية بالدرجة الأولى تهدف للسيطرة من خلاله على الشرق الأوسط.
ثانياً:
أمريكا هي الداعم الرئيسي لإسرائيل والأب الراعي لشؤونها وشريان حيوانيتها
ثالثاً:
كل الضربات التي نفذتها إسرائيل في سوريا تكون بالتنسيق مع أمريكا فإسرائيل لا تحيد عن إشارة كبيرتها أمريكا.
فبناءً على ذلك نجد من الطبيعي جداً ما تقوم به المقاومة في سوريا فإن كان عليها إيقاف الذراع الإسرائيلية عن العبث بمطارات سوريا وأراضيها عليها أن تؤدب الأب وتؤلمه لا أن تستنزف قواها مع كيان منتهي الصلاحية تاركةً الأخطبوط الأمريكي قادراً على زرع ألف ذراع وذراع بديل لإسرائيل في منطقتنا.
وهذا ما عملت عليه المقاومة في خطة إنهاء الوجود الإسرائيلي وتمثل بطريقين:
أولاً:
عملت على تآكل إسرائيل من الداخل من خلال بث الذعر والخوف بين المستوطنين بالعمليات الفدائية والتي تطورت وأنتجت الخلافات والتشرذم في صفوف الساسة والرعية داخل البيت الإسرائيلي الذي أثبت لنفسه أنه أوهن من بيت العنكبوت.
ثانياً:
عملت المقاومة بالتوازي على قطع شريان إمداده وضخ الدم في عروقه لتنقطع أنفاسه من تلقاء نفسها من خلال إضعاف التدخل الأمريكي في منطقتنا وصولاً لإخراجه من كامل المنطقة.
فبعد أن شكلت تحالفاً قوياً مع روسيا شجعها على مواجهة الغرب في أوكرانيا فتشتت الجهود الأمريكية بين الشرق الأوسط وأوراسيا، وكذلك سعت لأن تكون قوة إقليمية تنظر لها دول منطقة الشرق الأوسط بعيني الخوف والرجاء وبذلك تمت المصالحة الإيرانية مع السعودية اللاعب الكبير في المنطقة.
وما إن سحبت من رقعة أمريكا وإسرائيل حجرة القلعة حتى داعت باقي الأحجار وهرولت للمصالحة وعودة العلاقات وبناء التحالفات وتوقيع الاتفاقيات مع دول محور المقاومة، حيث ذكرت وكالة “أسوشييتد برس”، أنّ “الاتفاق السعودي مع إيران ترك إسرائيل وحيدة إلى حد كبير”.
الخلاصة
بعد أن قصفت المقاومة في سوريا أهم وأكبر القواعد الأمريكية في دير الزور دون أن يعمل نظام الدفاع الجوي على التصدي ودون أن تقدر أمريكا على الدفاع عن نفسها أو الاستمرار في الرد فهل تقدر أن تدافع عن أمريكا عن إسرائيل أو غيرها من الأذرع الأمريكية الطويلة والقصيرة في منطقتنا؟!
هذا السؤال نفسه هو مسمار يدق في نعش إسرائيل وما سواها ممن ربط مصيره بالمظلة الأمريكية المثقوبة ظناً منه أن أقدار الانتقام لشعوب المنطقة لن تبلل أذياله.