سينضم سوق “الصاغة” في مدينة حلب إلى قائمة الأسواق الداخلة في الترميم، بعد حزمة التسهيلات والدعم الكبير لمدينة حلب القديمة، حيث كان يتوقع الانطلاق في هذه الخطوة منذ فترة والمباشرة بإعداد الدراسات اللازمة وإزالة الأنقاض، لكن كارثة الزلزال أجّلت ذلك في ظل حجم الدمار الكبير، الذي طال المدينة القديمة بنسبة كبيرة أيضاً.
تحدث رئيس جمعية الحرفية للصياغة والمجوهرات بحلب جان بابلانيان عن إعادة ترميم سوق “الصاغة” المعروف:
بعد زيارة السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد إلى المدينة القديمة، وإصدار المرسوم 13 بما تضمنه من تسهيلات وإعفاءات، تشجع الصاغة على إعادة ترميم محالهم من جديد.
من جهة أخرى أعلنت الأمانة السورية للتنمية بالتعاون مع الجهات المعنية الأخرى إدراج هذا السوق التجاري المهم على قائمة الأسواق الداخلة بالترميم، وشكلت من أجل هذا الغرض لجنة تضم عضوين من مجلس إدارة الجمعية الحرفية للصياغة والمجوهرات بحلب.
مضيفاً:
“حيث اجتمعت عدة مرات واتفق أعضاؤها بداية على إزالة الأنقاض، ثم المباشرة بإعادة الإعمار، لكن للأسف كارثة الزلزال أجّلت هذه الخطوة، فاللجنة انشغلت بقضايا أخرى أكثر أولوية بسبب آثاره الكبيرة، إلّا أنها ستعود إلى عملها بعد فترة، وتباشر عملية إزالة الأنقاض وترحيلها”.
مؤكداً أهمية هذه الخطوة في تشجيع الصاغة على ترميم محالهم وإعادة إعمارها.
مشدداً على أن عدداً من الصاغة الذين اضطروا إلى الهجرة بسبب الحرب أبدوا رغبة في العودة واستعداداً لإعادة تأهيل محالهم وخاصة بعد إصدار المرسوم الخاص بالمدن القديمة، وحتماً جميع الصاغة يرغبون بترميم محالهم البالغة 220 محلاً، لذا ستعطي خطوة إزالة الأنقاض دفعاً قوياً لهذا الأمر والمساهمة في إعادة الألق للمدينة القديمة، التي تعد مولاً اقتصادياً وتراثياً مهماً، ولها رمزيتها عند الصاغة وجميع التجار والحرفيين.
وفي سؤال لرئيس جمعية الصياغة والمجوهرات بحلب عن مصير مدينة الذهب، التي أعلن عن إنشائها منذ سنوات بغية تجميع كل حرفيي الصياغة في هذه المدينة، فشدد على أن هذا المشروع ألغي حالياً وذلك بعد الإعلان عن تشميل سوق الصاغة في مشروعات إعادة الترميم، و برأيه عند عودة هذا السوق إلى مكانته السابقة سيغني عن إقامة مدينة الذهب، لموقعه الاستراتيجي وسط المدينة القديمة، التي تعد مركزاً تجارياً واجتماعياً مهماً.
وفي ذات السياق بيّن بابلانيان وجود دراسة لتصدير الذهب إلى الخارج، متوقعاً أن يصدر قرار بهذا الشأن قريباً، وهذا من شأنه تنشيط الحركة الاقتصادية لناحية رفد الخزينة بالقطع الأجنبي أولاً، كما أن وصول المشغولات الذهبية السورية المعروفة بجودتها وحرفيتها العالية إلى دول العالم سيعطي مؤشراً جيداً لشعوب هذه الدول بأن قطاعات أخرى تنتج سلعاً أخرى بالجودة ذاتها رغم الحرب والحصار، مبدياً تفاؤله بتحسن واقع حرفة الذهب خلال الفترة القادمة وخاصة عند تحسن الواقع الاقتصادي المأمول، حيث سينعكس ذلك مباشرة على سوق الصاغة ويبدأ الحرفيون بالعمل والنشاط فوراً، عندها يمكن للمواطنين شراء الذهب للادخار أو الزينة.
لافتاً إلى أنه ليس مع فكرة ادخار الذهب حالياً، مشجعاً المواطنين الذين يملكون الذهب لو كان مثلاً خمسين غراماً بالبيع وتأسيس مشروع يدر عليهم ربحاً معيناً ويسهم في تحريك النشاط الاقتصادي في البلاد، ومن أرباح هذا المشروع يمكن شراء الذهب.
معتبراً أن فكرة الادخار كانت جيدة حينما كان هناك فائض من المال يمكن شراء ذهب به وخاصة أن المعدن الأصفر كان رخيصاً، فالذهب كان زينة وخزينة، لكن اليوم الأفضل التوجه إلى تأسيس مشروعات صغيرة منتجة بدل اكتناز الذهب.
وبين رئيس جمعية الصياغة في حلب أن الصاغة يعانون حالياً من سوق الذهب الراكد، فالغلاء وضعف القوة الشرائية جعلا حركة الشراء ضعيفة، ليقتصر ذلك على بعض المناسبات والأعياد، مبيناً أن عدد الصاغة من تجار وحرفيين و ورشات يبلغ قرابة 1500 موزعين حالياً في مناطق الشعار والفرقان والسليمانية وساحة الفرحات والتلل، ورغم أهمية هذه الأسواق لكن يبقى لسوق المدينة القديمة خصوصيته، متفائلاً بعودتهم قريباً إليه وخاصة في ظل التسهيلات المقدمة، بما فيها تأمين الكهرباء التي تزود بها المدينة من الساعة العاشرة صباحاً وحتى السادسة مساء.
مشدداً على عدم وجود تجاوزات من الصاغة بحلب، من دون أن يخلو الأمر من بعضها أحياناً، مشيراً إلى تقيد الصاغة بالتسعيرة والتعليمات الصادرة.
وبين أن ارتفاع سعر قطعة ذهبية عن أخرى يعود لتكلفة كل قطعة والحرفية المشغولة بها، حيث توجد قطعة ذهبية مشغولة بشكل بسيط وأخرى ذات تصميم وشكل أكثر جمالية وحرفية، وهذا يدون على الفاتورة، داعياً المواطنين إلى عدم شراء أي قطعة من دون فاتورة نظامية مدون عليها السعر وأجور الحرفي، مشيراً إلى أن موضوع الذهب “الكسر ” موضوع شائك، لكن الجميع يعتز بختم الجمعية، والعيارات المتبعة لدى صاغة حلب معروفة ومطلوبة داخلياً وخارجياً.
مبيناً أن أسعار الذهب حالياً تميل إلى الاستقرار، علماً أن مسألة انخفاضه أو صعوده ليست عائدة إلى ظرف محلي، وإنما عالمي وذلك بعد أزمة إفلاس بعض البنوك الأمريكية، ما دفع المواطنين عالمياً إلى شراء الذهب، لكن في السوق المحلي بحلب تعد حركة الشراء ضعيفة وخجولة وإن شهدت بعض التحسن بمناسبة عيد الأم.