بقلم: دانيا الغباش
لا بدّ لمتابع الإعلام بكافة مجالاته، أن يعي بكلّ رسالة توجّه إليه، ومن الواجب عليه أن يتحسس بكل ما لديه ماهيّة الصور أو المعلومات التي يتلقاها.
ففي عالم السرعة تستطيع وسائل الإعلام (الغربية) على وجه التخصيص أن تروّج ما يحلو لها، وفي الوقت الذي تراه حاسماً، ولنأخذ أبسط مثال بريطانيا وأمريكا، وغيرها من الدول الغربية االتي تدّعي الحرية والديمقراطية.
فقد ألبست هذه الدول حريّتَها جلباباً مزيفاً وأذاعت مصطلح (الإسلاموفوبيا) “الخوف من الإسلام”، وبمعنى أدق (رهاب الإسلام)، وسرعان ما انتشر بين شعوبهم فكرة الخوف من المسلمين وأصبح للإسلاموفوبيا مدافعين ومنادين.
وهم كشعوب لم تخف من أي فرد مهما كانت جنيسته أو ديانته، ولكنّ سُمّ الأفعى هذا نفثَه مَن يحرّك المواضيع بعصاه كما يشاء، فتشوهت كلمة مسلم لتُرى مجرم.
وفجأةً دون إنذار أماطت بريطانيا الإسلاموفوبيا عن طريقها، ليحلّ محلها حبٌّ للإسلام وتمجيدٌ لشعائر المسلمين.
وهنا الأعجب عندما ترى الفرح والفخر بدا على وجوه المسلمين، لنظرتهم أن المسلم ها قد انتصر وسيواجه عدوه في عقر داره.
ولكن إذا اعتقدت حقاً أن الغرب سيدق طبول المحبة للمسلمين ويزف لهم عبارات الاستقبال والتأهيل؛ فأنت على شفرة من الانسياق وراء ألاعيب الغرب.
ولا يُنكر أنّ إمرأة مسلمة أصبحت فجأة قنصلاً عاماً لبريطانيا، وأنّ رجلاً مسلماً تسلّم رئاسة اسكتلندا؛ فمسلمٌ يظهر أمام الإعلام على العالم بأسره ويصلي مع عائلته بليلته الأولى من تسلمه الرئاسة، ويقف على المنبر ويصرّح بأن اللون والعقيدة لا تدخل بالسياسة، وترتفع هتافات المحبة لهذا المسلم المتواضع، لتوضّح مظاهر التعايش الحضاري في هذا البلد.
إنّ هذا الرئيس المسلم نفسه في مقابلة مع صحفية؛ لم يعارض المثلية وأعطى للمثليين حق كحق الزواج الطبيعي.
لتأتي هنا إشارات استفهام لا واحدة أمامه، فهذا الأمر خارج عن الفطرة لا عن الإسلام فقط، وإن عدنا لتصريحاته، فكيف يمكنه أن يفصل عقيدته عن السياسة؟ وهل يمكن أن يخرج لعمله ويترك الدين نائماً في فراشه ينتظر عودته؟!
فإن لم يمارس العقيدة في السياسة فهو مجرد تسويق إعلامي لإظهار السلام المزيّف، ويكون بذلك إحدى الأذرع المقنّعة التي تخفي من يتحكم بها على مزاجه.
حيث أضحى الإسلام بهذا مقيد برمزية الاسم لا أكثر؛ فهم معجونون بالإسلاموفوبيا، وإن ضجّت شوارعم ومساجدهم بالأذان والتكبيرات، وإن ظهرت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية تبارك للمسلمين شهر رمضان وتمجد عبادتهم وصيامهم.
لكن هذا ليس إلا محاولة فاشلة لمحاربة الإسلام من وراء جدران، وباسم الإسلام، فهم يسيرون بمبدأ من لم يأتك بالعنف، اذهب معه بالسلم، فلو أحبّوا المسلمين حقاً؛ لما حاربوا أحد مشاهيرهم بعد اعتناقه للإسلام، وما أخرجوا قضاياه السابقة لتكن سبباً باعتقاله، فهو أحد المشاهير الذي جرّ خلفه الكثير من الشباب فاعتنقوا الإسلام لأجله.
فهل يمجدون من باب ويحاربون من باب آخر، أم هي مجرد بروباغندا يتّبعوها ساعين لنيل هدفهم بحَرق الإسلام بمسلمين مزيفين؟!