يقدم الكيان الإسرائيلي مرةً تلوَ أُخرى صورًا تبيّن حجم تآكل قوة الردع لديه.
وإنّ تراجعه في المسجد الأقصى المبارك بعد موجة الرد الأخيرة من الجبهات الأربعة ليس أمراً بمحض الصدفة.
ففي هذا الصدد صرّح مسؤول أمني كان قد تحدث “للقناة 12” العبرية أنّ صور الاعتداءات في الأقصى التي أشعلت موجة من الردود كانت مروّعة وأضرت بصورة “إسرائيل”.
مبرراً الأمر بأنّ:
“الشرطة اضطرت لذلك لكنها بالغت في الاعتداء” متوعدًا بتحقيقٍ لهذا الشأن.
فيمكننا بناءً على ذلك أن نضع هذه “التراجعات” الإسرائيلية في سياق تآكل الردع لديها وهو ما يصرح ويتحدث عنه مسؤولون وأمنيون رفيعو المستوى عبر وسائل الإعلام.
خاصّةً بعد رد الفعل الإسرائيلي الذي وصفَ بالباهت على صواريخ غزة ولبنان وسوريا مؤخراً.
وقد يعتبر البعض أن ما يصرّح عنه الإسرائيليون يمثل حالة تخويف ربطًا بالأزمة الداخلية المتصاعدة، لكن في الواقع هي حقيقة واقعية يمكن رصدها من خلال السلوك الإسرائيلي الذي تجنب سواء عمليًا أو عبر تسريبات أمنية التصعيد لأنه قد يشعل جبهات عدة ويأخذ الأوضاع إلى الحرب التي لا يريدونها ولو في هذه المرحلة الدقيقة نتيجةً للمتغيرات التي تشهدها المنطقة والظروف العالمية على خلفية الحرب في أوكرانيا.
فيما يدرك الكيان الإسرائيلي جيدًا أن ما تلقاه خلال المرحلة الماضية، مما صرح عنه ومما لم يصرّح قد مثّل تحديًا كبيرًا له.
فعندما قال وزير الحرب يوآف غالنت بأن اشتعال النار في ساحة قد يجر إلى اشتعال ساحات أخرى، هو لم يبالغ وقد تحدث بواقعية دقيقة، وذلك لما يتوفر بين يديه من معطيات مدمغة بأعمال حسية على الأرض وقد حصلت على فترات بناءً على اعترافاتهم.
لا شك أن الكيان الإسرائيلي يجد نفسه أمام معضلة يصعب حلها بحرب مباشرة لأنها مكلفة، وهي وحدة الساحات، التي يتلمسها لمس اليد، وانطلاقًا من هنا هو يتحدث عن تراجع قدرة الردع.
لكن من اللافت أنه أمام تحديات جديدة والوقت لا يعمل لمصلحته وإن لم يذهب إلى خطوات عملية فإن الردع قد ينتهي، وإنّ المشكلة التي تواجهه في هذا الصدد أنه عاجز عن الذهاب نحو أعمال غير محسوبة النتائج وهو بحد ذاته ضعفٌ ناتج عن ذات المسألة وهي تآكل قوة الردع لديه.
فمما تقدم نرى بشكل واضح أنّ الخطوات الإسرائيلية الأخيرة والتراجعية في المسجد الأقصى تنم عن تفادي الصدام والتصعيد، وهو أمر لم نعهده طوال فترات الصراع بالشكل الذي وصل إليه الآن.