منذ أعوام تسير سوريا وإيران على نهج المقاومة والصمود، ولطالما كانت العلاقات بين البلدين علاقات سياسية اقتصادية كما هي أخوية، وهذا ما تمّ إثباته خلال أعوام الحرب التي عاشتها سوريا.
واليوم فإنّ زيارة الرئيس رئيسي إلى سوريا واللقاء مع الرئيس الأسد هو تتويج لمرحلة سابقة وبناءً لمرحلة لاحقة في علاقات الإقليم، ولاسيما أنها ترافقت مع فترة غاية في الأهمية قبل انعقاد القمة العربية في الـ 19من الشهر الجاري، وبعد المصالحة السعودية- الإيرانية برعاية صينية في آذار الماضي، وترافقت مع كثرة التصريحات المتضاربة في مسار التقارب التركي–السوري، الذي ترعاه إيران وروسيا، وإذ كان الغموض يلف الأخير نتيجة التعنت التركي في إنجاز الاستحقاقات السورية.
إلّا أنه لا يمكن فصل انعقاد القمة العربية والمصالحة السعودية- الإيرانية، لما للمسارين من أهميّة تكمن في كونهما خطوات متقدمة لإنهاء الخلافات، وإنهاء حال القطيعة مع سوريا، وإنهاء التنافر العربي- الإيراني ولاسيما لناحية السعودية، بما يصب في توفير عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة وهي بحاجة ماسة لتلك العوامل لترسيخها وإعادة بناء المرحلة المرتقبة عليها.
كما التعاون والتعاضد بين دمشق وطهران شمل العديد من المجالات، وعليه لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد، فأينما تكون السياسة يكون الاقتصاد، وهذا ما تثبته زيارة الرئيس الإيراني السياسية والاقتصادية، إذا يمكن عدّ إيران إحدى أهم داعم اقتصادي لسوريا في ظل الحصار والعقوبات الأمريكية – الغربية الجائرة، دعم تجلّى في أحد جوانبه بتدشين مرحلة جديدة من الخط الائتماني الإيراني- السوري العام الماضي والتي تشمل تزويد سورية بموارد الطاقة والمواد الأساسية الأخرى لسد النقص الحاصل في تلك الموارد، بهدف تجاوز العقوبات المفروضة على البلدين في آنٍ معاً.
بالإضافة أن ميزان التبادل التجاري بين البلدين في نموٍ مطرد، ناهيك باتفاقات اقتصادية تجارية وصناعية، أي إننا هنا نتحدث عن علاقات الاقتصادية واسعة تخدم المصالح المشتركة، وهي في تطور مستمر.
وتجدر الإشارة إلى أنّ العلاقات الاقتصادية السورية-الإيرانية تتعرض لضغوط مستمرة، كالضغوط الأمريكية ومحاولات التضييق على الطرق البرّية، في وقت بدأت فيه إيران بالشراكة مع العراق لتنفيذ مشروع ربط سككي بين البلدين، على أن يتمّ ربطه مستقبلاً بسوريا، الأمر الذي من شأنه إيصال البضائع الإيرانية إلى البحر المتوسّط عبر السواحل السورية، فضلاً عن سهولة نقلها إلى المناطق الصناعية السورية، بما يكفل تحقيق ربط صناعي، وضمان تشكيل حلقة إمداد بين كلّ من إيران والعراق وسوريا.
وتُترجم الزيارة على أنها زيارة الصديق لصديق صمد وصبر وانتصر في حرب إرهابية شعواء، وزيارة تهنئة على النصر السوري الذي يكتب كل اليوم في الميدان العسكري كما السياسي الذي يترجم بصورة أكبر بالزيارات السورية للعديد من الدول العربية.