بعد أسبوع على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تُفاجأ حركة حماس بقيام اردوغان كبير الأخوان المسلمين في المنطقة بإعادة السفراء الإسرائيليين في بلاده.
حيث أعلن مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، يائير لابيد، عودة السفراء بين الكيان والنظام التركي، بعد أن تم سحبهما عام 2018 م.
ويأتي هذا الإعلان عقب اتصال هاتفي جرى بين لابيد ورئيس النظام التركي، رجب طيب أردوغان، الأربعاء الماضي.
أردوغان الذي صدر نفسه أيقونة الداعمين لقطاع غزة المحاصر بدأ في الآونة الأخيرة يظهر أشرعة مساره الحقيقي نحو التطبيع مع إسرائيل حتى على حساب أن يخسر ما تبقى من رصيده الشعبي في العالم الإسلامي نتيجة لانحرافه عن البوصلة.
وحماس الحركة الإسلامية اليتيمة لم تجد مأوى لها تأييداً ودعماً وكفالةً سوى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
فالسعودية مؤخراً لم تكتفِ بكل العلاقات التي انفتحت بها مع الكيان الإسرائيلي والتي كان آخرها إباحة أجواء المملكة للطيران الإسرائيلي والأمر الذي رفضته سلطنة عُمان بشدة ولم تمشي على خطى جارتها في التطبيع.
ما هي الصفعة الحقيقية لحماس ؟
لكن الصفعة الصادمة لحماس من قبل السعودية لم تكن بسبب ذلك، بل كانت بعد أن وافقت الرياض على استئناف العلاقة مع حماس والإفراج عن معتقليها بشرط تعجيزي يعني في حال قبوله نهاية حماس.
حيث كشفت مصادر بأنّ “السعودية تخلت عن شرطها القديم لحماس بقطع العلاقة مع طهران، لكنّها اشترطت في المقابل، القبول بشروط الرباعية الأممية حول فلسطين من أجل استئناف العلاقة” مع حماس.
واللجنة الرباعية هي لجنة دولية تشكلت في العام 2002م، وتضم دول الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا، من أجل ما سمي “استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين”، أي بعبارة أوضح (تسوية القضية الفلسطينية).
ولكن حماس رفضت هذا الشرط وذُهِلت من طلب السعودية إتمام تسوية بين حماس والاحتلال الإسرائيلي ، وأبلغت الوسيط الفلسطيني في السعودية رفضها القاطع أي تسوية مع إسرائيل أو استئناف للعلاقات مع السعودية إن كانت على هذه القاعدة.
واليوم تقف حماس على مفترق طرق يشبه تماماً المنعطفات التي عصفت بالحركة أثناء الحرب على سورية قبل أحد عشر عاماً خلت.
حينها ظنت حماس أنها قادرة على الاعتماد على كلٍّ من مصر وتركيا وقطر ذوات الطابع الإخونجي، فاختارت أن تتخلى عن سورية وتكون في الخط المقابل لها.
بعد ذلك أدرك الجناح السياسي في حركة حماس الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه بحق القضية الفلسطينية وفهم مؤخراً أنه لن يجد من يقدم له قطعة سلاح واحدة في حربه مع الكيان الإسرائيلي سوى محور المقاومة المتمثل بسورية وإيران والمقاومة في لبنان والعراق واليمن.
واليوم حركة حماس تواجه التحدي نفسه وتجلى هذا واضحاً بمعركة وحدة الساحات مؤخراً حين تفرد الجهاد الإسلامي رسمياً بالمواجهة وبمشاركة غرفة عمليات فصائل المقاومة.
تتعرض حماس لضغوطات تتعلق بانتماءاتها الحزبية وعلاقاتها المعقدة مع الدول العربية وتركيا
فمصر من جهة كانت من المفترض أن تكون الموجه الايديولوجي للأخوان المسلمين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ولكن لا مرسي ولا أي جهة في مصر قادرة على تغيير قاعدة فاقد الشيء لا يعطيه.
وتركيا التي كان الدور المناط بها هو الدعم العسكري ذاهبة بخطى متسارعة نحو التطبيع الكامل.
فمن يبقى لحركة حماس كأخوان مسلمين أن تستظل برعايته؟!
إن أي دولة عربية من دول الخليج وغيرها من الدول المطبعة والتي تصطبغ بصبغة إخوانية أو إسلاموية في الظاهر حين تفكر حماس في أن ترتمي بأحضانها فستجد نفسها تلقائياً في أحضان إسرائيل.
من أجل ذلك كله تعيش حماس هواجس وجودية في الآونة الأخيرة، تفكر في العودة إلى سورية ولكن الضغوطات التركية والقطرية والمصرية كبيرة جداً وسورية لديها شروطها لقبول عودة حماس إلى الحضن السوري.
على حركة حماس أن تتخذ قراراتها الحاسمة بناء على انتمائها الأكبر والأوحد وهو انتمائها للمقاومة الفلسطينية ولفلسطين
وإلا فإن خسرت حماس جناحها العسكري فيعني أنها خسرت نفسها وتحولت إلى فتح ثانية في الساحة الفلسطينية، فهل المقاومة إلا السلاح!.