دخل الإرهابيّ الصهيوني “دنيس مايكل روهان” إلى البلدة القديمة في القدس المحتلة في السادس من تاريخ
21/آب من عام 1969م عبر باب” الأسباط” وواصل مسيره نحو باب “الغوانمة” ثم دخل المسجد الأقصى بتنسيق كامل مع قوات الاحتلال الإسرائيلي حاملاً حقيبة تحتوي على مادتي البنزين والكيروسين.
توجه الإرهابيّ “روهان” إلى المصلى القبلي في المسجد ووضع حقيبته أسفل درجات المنبر وقام ببل وشاح صوفي بمادة الكيروسين وفرش أحد طرفيه على درجات المنبر والطرف الآخر في الوعاء الذي ملأه بالمواد الحارقة ثم أشعل الوشاح وفر مغادراً الأقصى عبر باب “حطة “والبلدة القديمة عبر “باب الأسباط”.
التهمت النيران على مساحة ” 1500″ متر مربع من المصلى القبلي البالغة مساحته” 4400″ متر مربع ومن ضمن المعالم التي طالها الحريق “مسجد عمر” الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية.
وكان يحمل رمزية دينية وتاريخية وثلاثة أروقة من أصل سبعة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة وقد سقط جزء من سقف المسجد نتيجة الحريق وكذلك أعمدة حجرية كما أتت النيران على “74” نافذة وزخارف وزجاج ملون وتمثل تلك المحتويات التي احترقت الوجه التراثي والحضاري للمسجد الأقصى.
حينها سارع الفلسطينيون لإخماد النيران بملابسهم وبالتراب والمياه الموجودة في آبار الأقصى قطع الاحتلال الماء عن المصلى القبلي ومحيطه ومنع فرق الإطفاء من الوصول إليه بسرعة لضمان أوسع انتشار للحريق.
هذا وقد ادّعت سلطات الاحتلال أن “روهان” شخصٌ مختلٌ عقلياً وذلكَ للتهرب من مسؤوليتها الكاملة عن هذه الجريمة النكراء التي ألحقتها برواق المسجد الأقصى.
وقد رفضت سلطات الاحتلال فتح تحقيق في حيثيات جريمة “روهان” لتقوم فيما بعد بترحيله إلى أستراليا التي قدم منها دون أن يحاسب على جريمته.
وقد أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 271″ بأغلبية “11” صوتاً وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة؛ و ذلك في الخامس عشر من أيلول عام 1969م.
العام الذي أدان فيه مجلس الأمن إسرائيل واعتبرها مسؤولة عن الحريق .
وفي الخامس عشر من أيلول عام 1969م باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال ودعاها إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير الوضع في القدس.
53 عاماً والانتهاكات مستمرة
مرّت على جريمة الاحتلال الإسرائيلي لإحراقه المسجد الأقصى ما يقارب الثلاثة وخمسونَ عاماً والنار ما زالت تستعر في المسجد الأقصى ولم تخفت بعد.
وهو ما أوضحه وزير الأوقاف الفلسطيني “حاتم البكري” في تصريحٍ له حيث لا يزال الاحتلال ينفذ خططاً ممنهجة لقلب الحقائق وتزييف التاريخ من خلال استمراره في الحفريات أسفل المسجد وفي محيطه وتكثيف اقتحامات المستوطنين وتكسير محتويات الأقصى التاريخية والأثرية من أبواب وألواح وشبابيك خلال الاقتحامات التي تتم بشكل يومي.
وطالب “البكري” المنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونيسكو بالخروج عن صمتها والتحرك العاجل لوقف جريمة الاحتلال المستمرة بحق الأقصى مشدداً على أن الشعب الفلسطيني سيواصل الدفاع عن المسجد الذي يمثل قلب فلسطين النابض وسيستمر بحمايته من عمليات التهويد.
ومن جهته أشار مدير مركز القدس الدولي “حسن خاطر” إلى أن جريمة إحراق الأقصى عام 1969 جزء من مخطط متكامل يواصل الاحتلال تنفيذه للاستيلاء على الأقصى وما يحيط به من أبنية وأسوار تاريخية وصولاً إلى تفريغ كل المنطقة المحيطة به من الوجود الفلسطيني من خلال هدم المنازل والاستيلاء على العقارات وإقامة بؤءر استيطانية لإحكام الحصار عليه مؤكداً أن الأقصى يمر اليوم بواحدة من أخطر المراحل في تاريخه ما يستدعي تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوضع حد لاعتداءات الاحتلال ووقفها.
وفي السياق ذاته قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية: ” مصطفى البرغوثي” مشيراً إلى أنّ ذكرى إحراق الأقصى تتزامن مع تكثيف الاحتلال اعتداءاته على المسجد في محاولة لفرض أمر واقع وتغيير الملامح التاريخية والحضارية والدينية للأقصى وتهويده.
لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني ينظم اليوم سلسلة فعاليات في الذكرى الـ “53 ” للجريمة لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بضرورة الخروج عن صمته تجاه جرائم الاحتلال وللتأكيد على رفض سياسة الأمر الواقع التي يريد الاحتلال فرضها في الأقصى والقدس.
وأشادَ عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني “طلعت الصفدي” بدور اليونيسكو وطالبها بتفعيل دورها وحماية الإرث التراثي والديني والحضاري في القدس من اعتداءات الاحتلال مشدداً على أن الشعب الفلسطيني مستمر بنضاله ودفاعه عن مقدساته حتى إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس.
وبدورها أوضحت الخارجية الفلسطينية أن ما يتعرض له المسجد الأقصى جزء لا يتجزأ مما تتعرض له مدينة القدس برمتها من عمليات تهويد وتعميق للاستيطان وتغيير معالمها وهويتها الحضارية المسيحية والإسلامية مطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للمدينة ومقدساتها وفي مقدمتها المسجد الأقصى باعتبارها عاصمة دولة فلسطين والمدخل الرئيسي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عن آثار التهويد والاستيطان.