إنّ ما فعلته مجموعة “أنونيموس السودان” من تداعيات وتبعات في كيان الاحتلال وردعه وجبهته الداخلية ودفاعاته الجوية لم يكن مجرّد أضرار أولية يمكن استدراكها وإن كيان الاحتلال سيستغرق وقتاً طويلاً لفهم ما حدث، و سيتوقّف خلاله عن التفكير في الذهاب لأيّ هجوم قبل تحصين دفاعاته.
فبينما كان الكيان الإسرائيلي يشنّ حربه على قطاع غزة مطلع أيار الجاري، مستهدفاً حركة الجهاد الإسلامي وقياداتها العسكرية، ويضع معادلة وحدة الساحات على محكّ الاختبار، جاءه الرد على مسارين من حيث لا يحتسب.
حيث كان المسار الأول فشل القبة الحديدية للصهاينة في اعتراض القذائف الصاروخية التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية من غزة.
وأمّا المسار الثاني فكان دخول ساحة جديدة غير تقليدية للمواجهة تمثّلت في إعلان مجموعة قراصنة تطلق على نفسها “أنونيموس السودان” مسؤوليتها عن عمليات اختراق كبيرة استهدفت البنية التحتية الإسرائيلية من الألف إلى الياء.
وصرّحت “أنونيموس السودان” بأنّ غزة خطٌّ أحمر، وتوعدت كيان الإحتلال،مشددةً بأن عليه الاستعداد لتحمّل العواقب.
هذا وقد جاء الهجوم من جبهة السودان والتي كان ظنُّ الاحتلال ورهانه بأنه يمكن إخراجها من المواجهة بالتطبيع أو التطويع، أو أن ذهاب عسكرها إلى الاشتباك والانشغال بالاقتتال سيُروّض الوعي لدى شعبها بالقضية الفلسطينية.
لم يفهم الاحتلال في بداية الأمر ما الذي حدث، لم يكن بمقدور قادة أركانه تقديم رواية متكاملة لسكان مستوطنات غلاف غزة الذين هوت عليهم القذائف الصاروخية المنطلقة من غزة، والإجابة على سؤال أين القبة الحديدية التي تتفاخرون بها؟!
فقد بقيت الإجابات معلّقة حتى تبنّت مجموعة “أنونيموس السودان” اختراق أنظمة الإنذار في كيان الاحتلال ومنظومة القبة الحديدية وتشويش عملها وتعطيلها نهائياً، وذلك قبل إطلاق القذائف الصاروخية من غزة. فبدا الأمر وكأنّ تنسيقاً غير معلن بين الساحات الممتدة قد حدث.
وإنّ البحث عن تفاصيل مجموعة “أنونيموس السودان”، يفضي إلى أنّ المجموعة ظهرت بداية عام 2023.
وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن “أنونيموس سودان” تنشط من السودان وبنغلاديش، بينما ترى تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية أن قاعدة مجموعة قراصنة الإنترنت ربما تكون في السودان، كما يوحي اسمها، لكنها لا تستبعد أن تكون مدعومة من إيران وتنشط من دول أوروبية وأخرى عربية وأفريقية.
وأكدت قائلةً:
“نريد أكبر المواقع في إسرائيل”، وأعلنت أنها بدأت هجوماً جديداً ضد البريد الإسرائيلي ومجموعة من البنوك الإسرائيلية من بينها بنك “ليئومي”، وبنك “ديسكاونت”، وبنك “ميزراحي”، وبنك “مركنتيل”، وبنك “ييروشلايم”.
هذا واستمرّ هجوم “أنونيموس السودان” حتى وصل إلى اختراق حساب رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو على الفيسبوك.
بدورها ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية بأن متسلّلين نجحوا في اختراق الحساب الشخصي لبنيامين نتنياهو على فيسبوك ونشروا مقطع فيديو تسمع فيه مقتطفات من القرآن باللغة العربية، وفي الخلفية صورة مسجد.
وأوضحت أنّ جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” الذي تعرّض موقعه لاختراق قد فتح تحقيقاً في الواقعة.
ويشار إلى أنه قد تزامن اختراق الحساب الشخصي “لنتنياهو” مع الذكرى الـ 75 للنكبة. وقالت المجموعة:
“سنركّز بالكامل على إسرائيل بسبب احتفالها باحتلال فلسطين”.
والقبة الحديدية التي يعتبرها الاحتلال فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية و التي يفترض أن تحمي أجواء كيان الاحتلال كأحد وسائل الدفاع، أصبحت موضع هجوم وباتت مكشوفة، ويمكن تعطيلها بواسطة مجموعة قراصنة.
الأمر الذي اقتضى استدعاء نظام الدفاع الصاروخي الجوي “مقلاع داوود” لأول مرة من أجل اعتراض قذائف صاروخية بدائية غير موجّهة أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية من غزة.
وهجوم مجموعة “أنونيموس السودان” ذهب بعيداً في كشف مقدّرات الاحتلال الإلكترونية وحقيقة قدراته في حروب السايبر، ففي مطلع شهر نيسان الماضي نفّذت المجموعة هجوماً ضد الشركة الإسرائيلية الأبرز في مجال الأمن السيبراني “Check Point” وتمكّنت من اختراقها.