هجّر الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مئتي فلسطينيّ من أهالي قرية عين سامية قسراً من منازلهم شرق مدينة رام الله بالضفة الغربية.
فقد أرغمهم تصاعد إرهاب المستوطنين، وهدم قوات الاحتلال المتكرر لمنازلهم المبنية من الصفيح على الرحيل عن القرية الغنية بالآثار والمياه والمشهورة بزراعة الحبوب والزعتر والحمضيات في تكرار جديد لمأساة النكبة الفلسطينية، وسط صمت المجتمع الدولي المستمر منذ 75 عاماً على جرائم التطهير العرقي التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين.
بدوره أوضح المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن تهجير أهالي عين سامية جزء من مخطط استيطاني ضخم، يهدف إلى تهجير أهالي أكثر من 250 قرية وبلدة فلسطينية في الضفة، وخاصةً تلك الواقعة فيما يعرف ببوابة القدس الشرقية على أراضي بلدات عناتا والعيسوية والزعيم لربط كتلة مستوطنات (معاليه أدوميم) بمدينة القدس والتمدد منها وصولاً إلى البحر الميت والأغوار الشمالية ومناطق شفا الغور، أي تلك التي تطل على الأغوار في سلسلة الجبال والهضاب الشرقية للضفة الغربية كقرية المعرجات بين مدينتي رام الله وأريحا وعين سامية في منحدرات كفر مالك شرق رام الله وخربة طانا في امتداد بلدتي بيت فوريك وبيت دجن في نابلس، فضلاً عن قرى منطقة مسافر يطا جنوب الخليل.
مشيراً إلى أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهجت ضد هذه البلدات سياسة الحرمان من الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والحق في البناء والسكن والصحة والتعليم وغيرها، بقصد إفراغها من الوجود الفلسطيني وتكريس واقع استيطاني جديد قائم على الضم التدريجي للضفة الغربية.
وفي السياق ذاته أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أن قيام سلطات الاحتلال بتهجير أهالي عين سامية جريمة تطهير عرقي تندرج ضمن سياسة ممنهجة لتوسيع المستوطنات المقامة على أراضي القرية، وباقي القرى والبلدات الفلسطينية التي باتت تعيش تحت وطأة الإرهاب المتنقل لقوات الاحتلال والمستوطنين، مطالباً المجتمع الدولي بوقف مخططات التهجير التي تطال 250 قرية وبلدة على امتداد السفوح الشرقية للضفة الغربية.
بدوره أوضح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان أنّ الاحتلال يشن حرباً شرسة على القرى والبلدات الفلسطينية، وخاصّةً تلك التي تقع في المناطق الإستراتيجية في رام الله والأغوار وأريحا ونابلس وسلفيت ومسافر يطا في الخليل بهدف حصار المدن الفلسطينية وفصلها عن بعضها بالمستوطنات والطرق الاستيطانية.
كما أنه لفت إلى أنّ الاحتلال نفذ جريمة التهجير القسري في قرية عين سامية على مرأى العالم الذي يشاهد دون أن يقوم بأي تحرك لوقف الاحتلال كيف يعيش أهلها الفلسطينيون الذين أتوها لاجئين مهجرين من الأراضي المحتلة عام 1948 فصول نكبة جديدة يعانون فيها مجدداً قسوة الحرمان من الأرض والمأوى ومصدر الرزق.
وأكد شعبان إلى أنّ تهجير قرية عين سامية التي تعد من أغنى القرى بينابيع المياه العذبة والثروات جريمة حرب مكتملة الأركان، حيث سبقتها اعتداءات وحشية للمستوطنين على الأهالي من إطلاق النار عليهم إلى حرق منازلهم وتدمير محاصيلهم وسرقة مواشيهم ومحاصرتهم، مبيناً أن الاحتلال يهدف إلى محاصرة الوجود الفلسطيني شرق مدينة رام الله وقطع التواصل الجغرافي بين المدن الفلسطينية.
محذراً بأنّ أهالي قرية المغير في رام الله يواجهون أيضاً خطر التهجير القسري، حيث تفرض قوات الاحتلال على القرية حصاراً خانقاً منذ ثلاثة أسابيع، وتمنع الفلسطينيين من الدخول إليها أو الخروج منها في جريمة جديدة تتواصل فصولها بحق الشعب الفلسطيني.
من جانب آخر أكد رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان والجدار صلاح الخواجا أن تهجير أهالي قرية عين سامية يندرج ضمن خطة ممنهجة للاحتلال تقوم على أساس سياسة حصار أكبر عدد من الفلسطينيين في أقل مساحة من الأرض مقابل تكثيف عمليات الاستيطان والتهويد، بهدف ضم 61 بالمئة من مساحة الضفة العربية وزيادة أعداد المستوطنين، مشيراً إلى أن العام الجاري سجل ارتفاعاً ملحوظاً في عمليات هدم منازل الفلسطينيين ومنشآتهم لأن الاحتلال يسابق الزمن لتنفيذ مخططات الضم تدريجياً، فيما يكتفي المجتمع الدولي بإدانة عمليات الضم والهدم والتهجير دون إجراءات عملية تلزم الاحتلال بوقفها.
وفي سياق متصل شدد الخواجا على أن الشعب الفلسطيني يواصل صموده على أرضه وتمسكه بها لإحباط مخططات الاحتلال الإسرائيلي القائمة على تفريغ المناطق القريبة من المستوطنات من الوجود الفلسطيني، لتوسيعها بشكل مستمر وخاصة في الأغوار وسلفيت ونابلس وجنوب مدينة الخليل.
من جانبه أشار الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إلى أن ما حدث في قرية عين سامية، ويحدث حالياً في قرية المغير في رام الله هو جريمة حرب وتطهير عرقي، لافتاً إلى أن جرائم الاحتلال ما كانت لتحدث لولا صمت المجتمع الدولي الذي يقف متفرجاً عليها، ولا يحرك ساكناً أمام فصول نكبة جديدة يعيشها الشعب الفلسطيني، ومؤكداً في الوقت ذاته أن الفلسطينيين سيواصلون المقاومة والدفاع عن أرضهم وحقوقهم مهما بلغت التضحيات.