بقلم: سمر عكو
لا يزال مسار حرب تموز 2006 ونتائجها محل دراسة ومراجعة العديد من غرف العمليات السياسية والعسكرية ولاسيما الإسرائيلية والأمريكية .
و لاتزال أصداء أصوات صواريخ المقاومة اللبنانية تُسمع في المستوطنات الإسرائيلية حيث عجزت الأجهزة الاستخباراتية ومنظومات الاعتراض الإسرائيلية في منع انهمار صواريخ حزب الله على الجبهة الداخلية التي استمرت في السقوط حتى اليوم الأخير للحرب ، لتفرض تلك الصواريخ معادلات ردع جديدة وتجبر الاحتلال الإسرائيلي على التراجع .
ففي خضم الحرب الإسرائيلية على لبنان أعلن الأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله” عن إحدى مفاجآت حرب تموز المتمثل بصاروخ خيبر 1 والذي خط بداية مرحلة ما بعد حيفا وما بعد ما بعد حيفا .
خيبر 1 كان الرد المدمر على جرائم الاحتلال الوحشية بحق المدنيين في لبنان ليزلزل الأرض من تحت الإسرائيليين ويشكل عاملاً مهماً من عوامل النصر الإلهي في تموز 2006 .
ما هو سر معادلة حيفا ومابعد حيفا؟
بالعودة للسر الحقيقي الذي يكمن وراء معادلة حيفا وما بعد حيفا تستذكر الدكتور “عزيز علي إسبر” مدير المركز السوري للبحوث العلمية ، خيبر الصواريخ وصاحب الإنجازات الكبيرة في مجالات وقود الصواريخ ومطور الصواريخ السورية ومنها ال M302 المعروفة بــ خيبر والذي نقل هذه التكنولوجيا المتطورة التي دوّخت إسرائيل إلى حركات المقاومة في جنوب لبنان وقطاع غزة.
فصاروخ خيبر 1 السوري الصنع دكّ عمق المستوطنات الإسرائيلية منطلقاً من لبنان إلى حيفا في حرب تموز 2006 كما استخدمته فصائل المقاومة الفلسطينية عام 2012 لتضرب به تل أبيب.
اغتيال الموساد للعقول السورية :
أعلنت وسائل الإعلام السورية في شهر آب 2018 اغتيال الدكتور “عزيز إسبر” مدير مركز البحوث العلمية في مصياف بمحافظة حماة بعد تفجير سيارته بعبوة ناسفة أدت لاستشهاده وسائقه وذلك بعد عدة محاولات إسرائيلية متلاحقة لاغتياله.
وجاء اغتيال “إسبر” مع تقدم الجيش السوري وتحقيق الانتصارات المتتالية على كل الجبهات وضمن سياق الحرب الكونية المفروضة على سوريا والتي تستهدف أيضاً العلماء وأصحاب العقول.
العالم “إسبر” يثير رعب إسرائيل :
وتوجهت أصابع الاتهام للموساد الإسرائيلي حيث رحّب وزير الاستخبارات الإسرائيلي “يسرائيل كاتس” باغتيال “إسبر” فمن المؤكد ان العلماء السوريون وعلى رأسهم الدكتور “عزيز إسبر” نجحوا في إثارة رعب إسرائيل وتضخيم مخاوفه رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا .
وعلق وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي على الاغتيال بأنه يحلم برؤية العالم من دون العلماء السوريين لانه سيكون أكثر أمناً.
هذه المؤشرات لا تدع مجالا للشك أن تل أبيب كانت تشتبه و ربما تعتقد أن الشهيد كان ضالعاً في العمل على مشروع ما من شأنه أن يهدد أمنها واستقرارها وأن يغير موازين القوة والردع بينها وبين دول محور المقاومة التي تشكل سوريا واسطة العقد فيها.
وعلقت صحيفة نيويورك تايمز على الاغتيال واصفة “إسبر” بأهم علماء الصواريخ التي يمكن إطلاقها بدقة فائضة على مدن إسرائيلية.
وعن دوافع الموساد لاغتيال الدكتور “إسبر” ذكرت الصحيفة بأن الموساد يزعم أن “إسبر” كان مسؤولاً عن تجميع الترسانة العسكرية من الصواريخ الموجهة بدقة ، وقد أتت عملية الاغتيال خوفاً من تطوير هذه الصواريخ و إطلاقها مستقبلاً باتجاه إسرائيل.
استهداف العالم السوري جاء بسبب إنجازاته في ميادين الصناعة العسكرية ولعلاقته القوية بإيران وحزب الله ، وكما أن الموساد حاول أكثر من مرة اغتيال العالم لأنه يتبنى استرتيجية جوهرها حرمان العرب والمسلمين من امتلاك أسباب القوة و تحقيق الردع العسكري القادر على مواجهتها وردعها .
كلُ سوريّ هو مشروع عالِم :
فاضت عيون أهالي وادي العيون على فراق قامة علمية هامة وفاضت عقولهم بالإصرار على استمرار النهج المقاوم.
ومما لاشك فيه أن اغتيال العالم “إسبر” على يد عملاء الموساد يشكل خسارة كبيرة لسوريا وللأمتين العربية والإسلامية ولكن يبقى الأمل بتلاميذه الذين سيواصلون مسيرته في تطوير منظومة الصواريخ السورية وتمكين محور المقاومة بالصواريخ والأسلحة المتطورة.