رصدت تقارير غربية عدة آخر المستجدات حول المفاوضات التي تجريها طهران مع الغرب لإعادة إحياء اتفاق “فيينا” 2015 الذي ألغاه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شهر أيار من العام 2018.
وفي السياق ذاته يستطرد البعض بتعداد النقاط الخلافية التي يصفها بـ “الجوهرية” علماً أنه لا ترصد التقارير سابقة الذكر طبيعة النظرة الدولية وضعاً راهناً لطهران، ولا دورها الذي تضطلع به، والذي ما انفك يتنامى يوماً بعد يوم بالرغم من محاولات “واشنطن – تل أبيب” الرامية لوضع عصيها بين أخشاب العجلة الإيرانية.
ومن جهتها أعلنت موسكو أواخر شهر آب المنصرم عن قرار يقضي بوقف تدفق الغاز في خط “السيل الشمالي” لمدة مؤقتة حددتها بثلاثة أيام، قبيل أن تعلن في الثالث من الشهر الجاري عن أن الفعل سوف يستمر لأجل غير محدد.
وبعد قرار مجموعة “الدول السبع” الذي تضمن الإعلان عن “فرض سقف منخفض لأسعار النفط الروسي بعد وقت قريب”، أي وقف تدفق الغاز في خط السيل الشمالي لأمد غير محدد، الأمر الذي من شأنه أن يرفع مناسيب القلق الأوروبي المرتفعة أصلاً بالكثير من العوامل التي تبدو آخذة بالتنامي والازدياد على وقع الصراع الدائر في أوكرانيا والتحولات التي يشهدها ذلك الصراع.
وضمن هذا السياق دخلت إيران على خط الوساطة ما بين روسيا و ”الحلف الأطلسي” بطلب من “أحد أهم الزعماء الأوروبيين” كما ذكرت وكالة “رويترز” التي نقلت الخبر لكن من دون أن تسمي ذلك الزعيم، الذي يرجح أن يكون المستشار الألماني “أولاف شولتز”، ويتابع الخبر بأن المهمة أنيطت بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي كلفته القيادة الإيرانية بنقل رسالة عاجلة للقيادة الروسية.
هنا، يمكن القول إن الوساطة الإيرانية ما بين روسيا و”الأطلسي” مؤشر هام يحمل دلالات عدة، لعلّ أبرزها المصداقية التي تمثلتها الدبلوماسية الإيرانية في العديد من الملفات بعيداً عن التهويل الإعلامي الذي يمارسه الغرب كورقة ضغط على طهران لا تخفى مراميها.
وهذه المصداقية هي التي منحت الثقة لتلك الدبلوماسية للعب دور يضعها على أعتاب العالمية، ومن المؤكد أن النجاح فيها قد يدفع للعب دور أكبر يصل لإمكان أن تلعب طهران دور الوساطة في إيقاف الحرب الأوكرانية التي تمثل التحدي الأكبر للمجتمع الدولي منذ وضع الحرب العالمية أوزارها صيف العام 1945.
والأمر الذي يدفعنا للقول بتلك الفرضية معطيان اثنان، أولهما أن موسكو كانت قد أبدت انفتاحاً على الوساطة الإيرانية ما يضع طهران في موضع المهيئ، روسيا، للقيام بها، ثم أن جلّ الدول الأوروبية ”الناتووية” تجد نفسها في وضع مرشح لأن تزداد صعوباته على وقع النقص الحاصل في إمدادات الغاز والنفط الروسيين، مع تسجيل إشارة هامة في هذا السياق هي أن دول الاتحاد الأوروبي كلها لم تكن راضية عن إلغاء الاتفاق النووي الإيراني أيار 2018، وهي ظلت متمسكة به، بل وتبدي تفهماً للموقف الإيراني المحوط بالكثير من الهواجس.
والجدير بالذكر أن طهران اليوم، وبعيداً عن تقارير الغرب و تهويلاته الإعلامية، تقف على أعتاب دور يضعها على أبواب العالمية، وهي إذ تقبل عليه تعتد بثقل حضاري مسنود بنظير له حققته في ميادين عدة مثل التكنولوجيا والعلوم، التي تشير تقارير عالمية إلى أن طهران تحمل الرقم 17 من بين الدول الأكثر تقدماً فيهما، والأهم هو أن السياسات الإيرانية تبدو متناغمة مع كل ما سبق ما يؤهلها للعب دور محوري كبير.